أما رهن الدين بغير المدين وهو ما إذا كان لزيد مائة جنيه على عمرو، وكان لعمرو مائة على خالد، فإنه يصح لعمرو أن يرهن ماله من الدين على خالد لزيد في دينه الذي عليه، وذلك بأن يسلم عمراً وثيقة الدين على خالد حتى يقبضه دينه. ولا يشترط في صحة الرهن أن يكون المرهون مقبوضاً كما لا يشترط القبض في انعقاده ولزومه، فيصح الرهن وينعقد ويلزم وإن لم يقبض المرتهن المرهون، بل يتحقق الرهن بالإيجاب والقبول، فليس للراهن أن يرجع بعد ذلك، وعلى المرتهن أن يطالب بالقبض. ولا يشترط أن يكون المرهون غير مشاع، بل يصح رهن المشاع كما تصح هبته وبيعه ووقفه سواء كان عقاراً، أو عروض تجارة، أو حيواناً، فإذا كان لشخص دين على آخر فله أن يرهنه جزءاً مشاعاً من داره مقابل ذلك الدين ولو كانت الدار ملكاً للراهن، كما أن له أن يرهنه نصيبه المشاع في دار له شريك فيها إلا أنه إذا رهن جزءاً شائعاً من دار يملكها جميعها. فإن المرتهن يضع يده عليها كلها، لأن الراهن لو وضع يده معه لكانت يده ممتدة إلى الجزء الشائع أيضاً فيبطل الرهن، لأن من شروط صحته أن لا يكون للراهن عليه يد. ولا يشترط أن يستأذن الراهن شريكه في رهن نصيبه إنما يندب له ذلك، كما أن لشركيه الحق في أن يقسم ولكن بإذن الراهن، وله أنيبيع بدون إذنه. ويصح رهن المستعار كأن يستعير شخص من آخر عيناً ليرهنها في دين عليه، فإن وفى المستعير دينه رجعت العين المستعارة لصاحبها، وإلا بيعت في الدين المرهونة بسببه، ورجع صاحبها وهو المعير بقيمة العين على الذي استعارها، وتعتبر القيمة يوم إعارتها، وإذا استعار سلعة على أن يرهنها في ثمن قمح فرهنها في ثمن لحم كان عليه ضمانها لتعديه بمخالفته لما وصفه لصاحبها، وللمعير أن يأخذها من المرتهن وتبطل العارية. ويصح رهن الشيء المستأجر عنده من استأجره له قبل مضي مدة الإجارة، فإذا استأجر داراً من شخص لمدة سنة ثم رهنها منه قبل مضي تلك المدة فإنه يصح، ووضع يده عليها أولاً يعتبر قبضاً لها. ويصح رهن المكيل والموزون والمعدود بشرط أن يجعل في مكان مغلق عليه طابع "ختم"