ربما صليت في بعض تلك الدور وأنا غلام، قال: فقدم أبو جعفر المدينة سنة أربعين ومائة فأمر بستور يستر بها صحن المسجد، على محمد لها رؤوس، كهيئات الفساطيط، وجعل الطيقان، فكان الريح تدخل تحتها فلا يزال العمود يسقط على الإنسان، فغيرها وأمر بستور أكثف من تلك الستور، وبجبال فأتي بها من جدة من جبال السفن، فجعلت على شبيه حباله اليوم، التي تعمل في القيظ، فكانت تعمل على الناس كل جمعة، فلم تزل كذلك حتى خرج محمد بن عبد الله بن حسن في جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين ومائة، فأمر بها فقطعت دراريع لمن كان يقاتل معه، فتركت حتى كانت ولاية هارون فأحدث هذه الأستار. ولم يكن المسجد يستر زمان بني أمية. قال: ثم قدمت الخيزران أم موسى وهارون في سنة سبعين ومائة فأمرت بمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فخُلّق، وولى ذلك من تخليقه جارية يقال لها: مونسة، فقام إليها إبراهيم بن الفضل بن عبد الله بن سلمان مولى هشام بن إسماعيل المخزومي فقال لها: هل لكم أن تسبقوا من بعدكم بما لم يفعله من قبلكم؟ قالت: وما ذلك؟ قال: تخلقون القبر كله، ففعلت، وإنما كان يخلق منه ثلثاه أو أقل، والأسطوان التي هي علم عند مصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخلقوهما إلى حد ما هما عليه اليوم، ثم جاف (١) المسجد من ناحية المشرق مما يلي