٢ انظر البيان وقرار مؤتمر المجمع اللغوي، في هذا الشأن، رقم ٢ التالي:. ٣ غريب كما يقول بعض النحاة أن يكثر ورود الحال مصدرًا منكرًا، في فصيح الكلام المأثور، بل في أفصحه؛ وهو: القرآن، ثم نسمع ونقرأ من يقول: إنه بالرغم من تلك الكثيرة مقصور على السماع، راجع آخر صفحة من الحاشية على شرح "التصريح" باب "الإدغام". فما جاء في القرآن قوله تعالى: {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً} ، وقوله: {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً} ، وقوله: {إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً} ، وقوله: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} ، فالكلمات: سعيًا، سرًا، جهارًا، خوفًا، ظلمًا، هي مصادر لا شك فيها، وهي أيضًا بعض ما جاء في الكتاب العزيز من الأحوال، وما أكثر ما جاء في غيره مما يستشهد به، وتأويلها بالمفعول المطلق الذي حذف عامله ضعيف؛ لأن حذف عامل المؤكد في مثل هذا معيب كما سبق في ص ٢١١ وكذا كل تأويل آخر يشبه، فما الذي يقاس عليه إن لم تكن هذه الشواهد كلها داعية للقياس عليها؟ ولماذا يوافق بعضهم على القياس في المصدر المنكر الصريح إذا كان نوعًا لعامله؛ نحو جاء السائق سرعة، أي: سريعًا؟ ولماذا يقصره كثير منهم على أنواع ثلاثة من المصدر الصريح النكرة؟ هي: أ– المصدر الدال على بلوغ نهاية الشيء؛ نحو: أنت الرجل شجاعة، وأخوك الرجل علمًا، وأمثال هذا المصدر الذي قبله خبر مقرون "بأل" الدالة على الوصول إلى نهاية الشيء؛ حسنًا أو قبحًا. ب– والمصدر الذي قبله مبتدأ وخبر، والمبتدأ شبه بالخبر، أنت عمر عدلًا، وهي الخنساء شعرًا. جـ– والمصدر الواقع بعد: "أما" في نحو: أما بلاغة فيبلغ، من كل صدر وقع بعد "أما" في مقام قصد في الرد على من وصف شخصًا بوصفين، أو سلبه أحدهما، وأنت تعتقد اتصافه بواحد منهما. والحق أنه لا داعي لشيء من التقييد والحصر في هذا كله، فالقياس مباح على كل ما سلف، وبالقياس أخذ مؤتمر المجمع اللغوي الذي انعقد بالقاهرة خلال شهر فبراير سنة ١٩٧١، وسجله بين قراراته النهاية التي أصدرها بعد تمحيص وطول بحث.