للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت "الكاف" أداة جر، فقد تتصل بها "ما" الزائدة، فتكفها عن العمل غالبًا وتزيل اختصاصها "وهو: الدخول على الاسم لجره"، فتدخل على الجمل الاسمية والفعلية، نحو: "الصحة خير النعم؛ كما المرض شر المصائب"، ونحو: "الفقر يخفي مزايا المرء، كما يزيل ثقة الناس بصاحبه١ ... "، وهذه هي "ما" الزائدة الكافة عن العمل، ومن القليل؛ الذي لا يقاس عليه أن يبقى لها اختصاصها الأول، فتدخل على الاسم، فتجره بالرغم من اقترانها بكلمة "ما" الزائدة؛ نحو: قول القائل:

وننصر مولانا ونعلم أنه ... كما الناس مظلوم عليه وظالم

أي: كالناس، وهذه هي "ما" الزائدة فقط، وليست بكافة.

مذ ومنذ٢: يكثر استعمالها اسمين ظرفين، أو اسمين غير ظرفين، كما يكثر استعمالهما حرفين أصليين للجر.

أ- فيصلحان للاسمية المجردة من الظرفية إذا لم تقع بعدهما جملة، وإنما وقع بعدهما اسم مرفوع؛ نحو: ما سافرت مذ الشهر الماضي، أو منذ ... فمذ ومنذ مبتدأ خبره الاسم المرفوع بعده٣.


١ وسيشير إلى هذا ابن مالك آخر الباب ص ٥٢٩ حيث يعيد البيت التالي في زيادتها بعد "الكاف" و"رب"، وأنها تكفهما عن العمل أو لا تكفهما:
وزيد بعد "رب" والكاف فكف ... وقد يليهما وجر لم يكف
أي: لم يمنع، يريد بقوله: "وزيد" الحرف: "ما" وأن هذا الحرف كفهما عن العمل، وقد يليهما فلا يكفهما.
٢ سبق كلام عليهما في باب الظرف، ص ٢٩٩ ولأهميتهما وتشعب أحكامها سيجيء لهما بحث شامل مستقبل، آخر هذا الجزء ص ٥٤٤ "وكذلك سبق الكلام عليهما في جـ١ لمناسبات مختلفة في ص ٣٥٧ م ٣٦ و ٣٦٦ م ٣٧ و ٣٧٠ م ٣٨".
٣ هذا هو الأحسن، ويجوز إعراب كل منهما ظرفًا مقدمًا "أي: لتعلقه بالخبر المحذوف، كما في رقم ٣ من هامش ص ٣٠٠" بمعنى: "بين، وبين" مضافين المعنى فمعنى ما سافرت مذ أو منذ الشهر الماضي: الشهر الماضي بيني وبين عدم السفر، راجع الصبان، و"الشهر" هو المبتدأ المؤخر.
ولا بد من تقدم "مذ ومنذ" عند إعرابهما مبتدأ أو خبرًا، وشروط أخرى هي المشار لها في رقم٣ من هامش الصفحة الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>