للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصلحان للظرفية إذا وقع بعدهما جملة اسمية، أو فعلية ماضوية، ولا يصح أن تقع بعدهما المضارعية المستقبلة١؛ فمثال الجملة الاسمية: ما سافرت مد الجو مضطرب، أو منذ ... فكلاهما ظرف زمان للفعل "سافر"، مبني على السكون والضم، في محل نصب، وهو مضاف، والجملة الاسمية بعدهما في محل جر مضاف إليه، ومثال الجملة الفعلية الماضوية: أسرعت إليك مذ أو منذ دعوتني، وكلاهما ظرف زمان للفعل: "أسرع" مبني على السكون والضم في محل نصب. والظرف مضاف والجملة الماضوية بعده مضاف إليه في محل جر، ومن هذا قول الشاعر:

بدا الصبح فيها٢ منذ فارقت مظلما ... فإن أبت صار الليل أبيض ناصعًا

"فمنذ" ظرف زمان للفعل: "بدا".

ب- ويكونان حرفين أصليين للجر، وهذا يوجب شروطًا؛ أهمها٣: أن يكون المجرور اسمًا ظاهرًا، لا ضميرًا، وأن يكون وقتًا٤، وأن يكون هذا الوقت متصرفًا، معينًا لا مبهمًا، ماضيًا أو حاضرًا لا مستقبلًا، نحو: ما رأيته مذ يوم السبت الأخير، أو مذ ساعتنا، فلا يصح: مذه، ولا مذ البيت، ولا: مذ سحر، "تريد: سحر يوم معين" ولا مذ زمن، ولا مذ غد، وكذلك "منذ" في كل ما سبق.


١ فلا يصح: "مذ، أو منذ" يفهم؛ لأن عاملهما لا يكون إلا ماضيًا، فلا يجتمع مع المستقبل كما سيجيء في البحث الآتي "ص ٥٤٥" منقولًا عن الصبان.
٢ في الدار، أو البلدة.
٣ والراجح أن هذه الشروط تجري على الاسم المنفرد المرفوع بعدهما أيضًا إذا لم يكونا حرفي جر.
٤ ومثل الوقت ما يسأل به عن الوقت، بشرط أن يكون ظرف زمان؛ نحو: منذ كم يومًا سافرت؟ أو منذ متى سافرت؟ أو منذ أي وقت سافرت؟ ومثلها: مذ.
ويقول النحاة كما جاء في الهمع: "ويجوز وقوع المصدر بعدهما، نحو: ما رأيته مذ قدوم علي، بالرفع والجر، وهو على تقدير حذف زمان؛ أي: مذ زمن قدوم علي، ويجوز وقوع "أن وصلتها"، بعدهما؛ نحو: ما رأيته مذ أن الله خلقني، فيحكم على موضعهما بما حكم به للفظ المصدر من رفع أو جر وهو على تقدير زمان أيضًا". ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>