للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السادس: استفاد المضاف من المضاف إليه تعريفًا أو تخصيصًا؛ بشرط أن تكون الإضافة محضة؛ فيستفيد الأول من الثاني، ويبقى الثاني على حالة١ لم يفقد شيئًا بسبب الاستفادة منه.

وإيضاح هذا: أنه -في الإضافة المحضة- إذا كان المضاف نكرة: وأضيف إلى معرفة -فإنه يكتسب منها التعريف مع بقائها معرفة؛ كقولهم: كلام المرء عنوان لعقله، وعقله ثمرة لتجاربه. فالكلمات: "كلام، عقل، تجارب" هي في أصلها نكرات، لا تدل كلمة منها على معين، ثم صارت معرفة بعد إضافتها إلى المعرفة، واكتسبت منها التعيين الذي يزيل عن كل واحدة منها إبهامها وشيوعها. ومثل كلمة: "يد" المضافة للمعرفة في قول الشاعر:

الغنى في يد اللئيم قبيح ... قدر قبح الكريم في الإملاقِ

فإن كان المضاف معرفة باقية على التعريف لم يصح -في الأغلب- إضافته إلى المعرفة٢؛ لأنه لا يستفيد منها شيئًا، ولهذا السبب لا يصح أيضًا إضافة المعرفة الباقية على تعريفها إلى النكرة.

أما إذا كان المضاف نكرة وأضيف إلى نكرة فإنه يكتسب منها -مع بقائها على حالها- "تخصيصًا" يجعله من ناحية التعيين والتحديد في درجة بين المعرفة والنكرة؛ فلا يرقى في تعيين مدلوله إلى درجة المعرفة الخالصة الخالية من الإبهام والشيوع، ولا ينزل في الإبهام والشيوع إلى درجة النكرة المحضة الخالية من كل تعيين وتحديد. ومن أمثلته قولهم: "فلان رجل مروءة، وكعبة أمل، وغاية فضل" ... فالكلمات: "رجل، كعبة، غاية" ... نكرات محضة قبل إضافتها، فلما أضيفت إلى النكرة قلت أفراد كل مضاف بعد الإضافة؛


١ إذا توالت الإضافات، نحو: هذا بيت والد محمود، وقرأت أكثر قصائد ديوان شعر المتنبي ... انتقل التعريف أو التخصيص من المضاف إليه الأخير إلى الذي قبله، فالذي قبله حتى يصل إلى المضاف الأول.
"راجع الصبان ج١ آخر باب أداة التعريف. وكذا المفصل ج٦ ص٣٤".
٢ قد يصح إضافة العلم بعد تنكيره، وإزالة علميته، لداعٍ من الدواعي التي تقتضي إضافته. وفي ج١ ص٢٠٤ م٢٣ بيان هذا وتفصيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>