للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفعل: عرج، لا يصاغ –مباشرة– من مصدره "أفعل"؛ لأنه فعل يدل على عيب ظاهر، وإنما نصوغ "أفعل" بالطريقة السالفة "غير المباشرة"؛ فنقول: هذا الفتى أوضح عرجًا من غيره.

وبهذه المناسبة نذكر أن الأفعال الدالة على الألوان والعيوب لا يصاغ من مصدرها "أفعل التفضيل" مباشرة إذا كانت الألوان والعيوب حسية ظاهرة. أما إن كانت معنوية داخلية فيصح أن يصاغ منها مباشرة؛ مثل: فلان أبله من فلان، أو: أحمق من فلان، أو: أرعن منه، أو: أهوج منه، أو: أخرق منه، أو أعجم منه، أو: أبيض سريرة منه، أو: أسود ضميرًا منه و.... و....١،.

يتبين من كل ما تقدم أننا نتوصل بالطريقة "غير المباشرة" إلى التفضيل إذا فقد الفعل المتصرف القابل للمفاضلة، بعض الشروط الأخرى –ولا مانع من استخدام هذه الطريقة أيضًا مع الفعل المستوفي– وهي نفسها التي أوصلتنا إلى التعجب مما لم يستوف فعله بعض الشروط. وقد سبق شرحها في بابه فنستعين بها هنا على الوجه السالف لتوصلنا إلى التفضيل كذلك.


= جاء في شرح العكبري لديوان المتنبي "ج٤ ص٣٥" عند شرح البيت السالف ما نصه: "وما قول أصابنا الكوفيين في جواز "ما أفعله"، في التعجب من البياض والسواد خاصة من دون سائر الألوان فالحجة لهم في مجيئة؛ نقلًا وقياسًا. فأما النقل فقول طرفة، وهو إمام يستشهد بقوله:
إذا الرجال شتوا واشتد أكلهمو ... فأنت أبيضهم سربال طباخ
فإذا كان يرتضى قوله فالأولى أن يرتضى قوله في كل ما يصدر منه، ولا ينسب هذا إلى شذوذ وقول الآخر:
جارية في درعها الفضفاض ... أبيض من أخت بني إباض
وأما القياس فإنما جوزناه في السواد والبياض لكونهما أصل الألوان ومنهما يتركب سائر الألوان. إذا كانا هما الأصلين للألوان كلها جاز أن يثبت لهما ما لم يثبت لسائر الألوان" ا. هـ.
والحق أن الاقتصار على هذين اللونين لا معنى له بعد ما قدمنا. "انظر رقم ٢ من هامش ص٣٥١".
١ راجع حاشية "ياسين" على شرح التصريح، أول باب: "أفعل التفضيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>