للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- عرفنا١ أن: "أفعل التفضيل" يدل –في الأغلب– على اشتراك شيئين في معنى خاص، وزيادة أحدهما على الآخر فيه..، و.... فما ضابط الاشتراك؟!

ليس للاشتراك ضابط معين يحدد أنواعه، وإنما يكفي أن يتم على وجه من الوجوه يكون به واضحًا ومفهومًا للمتخاطبين، ولو كان اشتراكًا ضديًا، أو تقديريًا، كقول إنسان في عدوين له: هذا أحب إلى من ذلك. وفي نوعين من الشر: هذا أحسن من هذا. يريد في المثال الأول: هذا أقل بغضًا عندي، ويريد في المثال الثاني: هذا أقل شرًا من الآخر؛ فليس في نفس المتكلم قدر مشترك من الحب والحسن لهذا، أو لذاك. وإنما القدر المشترك هو الكره والقبح اللذان يضادان الحب والحسن. فالاشتراك إنما هو في أمر مضاد في معناه لمعنى: "أفعل" المذكور في الجملة، مع تفاوت النصيب بينهما، ووجود الزيادة في أحدهما وحده؛ فأحدهما عدو خفيف العداوة أو القبح، والآخر: شديدهما، فالزيادة موجودة ولكنها في أحد الأمرين المشتركين في معنى: مضاد لمعنى أفعل.

ومن غير الغالب ألا يكون بينهما اشتراك مطلقًا إلا على نوع جائز من التأول توضحه القرائن؛ كقولهم: الثلج أشد بياضًا من المسك، الصيف أحر من الشتاء، السكر أحلى من الملح، العسل أحلى من الخلّ. يريدون: أن بياض الثلج أشد في ذاته من سواد المسك في ذاته، والصيف حرارته أشد من الشتاء في برده، والسكر في حلاوته أقوى من الملح في ملوحته، والعسل حلاوته أشد من الخل في حموضته، وهكذا ... ؛ فليس بين كل اثنين مما سبق اشتراك في المعنى إلا في مطلق الزيادة المجردة، ودرجتها الذاتية المقصورة على صاحبها ... ؛ فالصلة بين كل اثنين مقصورة على هذه الزيادة المجردة، وبينهما بعد ذلك تباين تام يختلف عن التضاد السابق الذي يقوم بجانبه


١ في ص٣٩٥ وأشرنا في رقم ٢ من هامشها إلى أهمية ما يأتي هنا في الزيادة والتفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>