للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نوع من الاشتراك في أمر يتصف به الاثنان، وإن كان هذا الأمر مخالفًا معنى "أفعل".

ب- من الأساليب الصحيحة: فلان أعقل من أن يكذب –وأمثال هذا- فهل معناه تفضيل فلان في العقل على الكذب؟ وهذا معنى فاسد؛.

خير ما يقال في هذا وأمثاله: أن "أفعل التفضيل" يفيد هنا أمرين معًا؛ هما إفادة البعد عما بعده، وأن سبب هذه الإفادة هو المعنى اللغوي الأساسي المفهوم من مادة "أفعل" المعروض في الجملة الأصلية، فالمراد: فلان أبعد الناس من الكذب؛ بسبب عقله. وفي مثل: فلان أجل من الرياء، وأعظم من الخيانة ... يكون المقصود: فلان أبعد الناس من الرياء؛ بسبب جلاله، وأبعد من الخيانة بسبب عظمته ... ومثل هذا يقال في بيت الشاعر:

الحق أكبر من أن تستبد به ... يد، وإن طال في ظلم تماديها

فالغرض إعلان البعد عن تلك الأشياء مع بيان سبب البعد. وأفعل التفضيل في تلك الأساليب ونظائرها يفيد ابتعاد الفاضل من المفضول، ولا تكون "من" تفضيلية جارة للمفضول، وإنما هي مع مجرورها متعلقان "بأفعل" الذي هو بمعنى: متباعد؛ لأنها حرف الجر الذي يتعدى به الفعل "بعد" وباقي المشتقات التي من مادته؛ ومنها هنا: "أفعل" لتضمنه معنى "أبعد: بمعنى: "بعد" فهي متعلقة به من غير أن يدل على تفضيل؛ كنظيرتها في قولنا: أنا بعيد من الظالمين، بمعنى: متباعد.

وقيل إنه مستعمل في بعض مدلوله دون بعض؛ فهو يدل على زيادة البعد، دون أن يكون هناك مفضول حقيقي، ولا "من" الداخلة عليه ...

ومضمون الرأيين واحد١....

ج- يجب تصحيح عين أفعل التفضيل إذا كانت قبل التفضيل مستحقة للإعلال، ونحو: الأديب أقوم لسانًا، وأبين قولًا من غيره، فيجب أن تسلم الواو والياء.


١ وهناك بعض آراء أخرى عرض لها "المغني" في "الباب الخامس من الجزء الثاني، عند كلامه على الجهة الرابعة من جهات الاعتراض.

<<  <  ج: ص:  >  >>