للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقلاء أن يعملوا برأي الخبير الأمين، فإن العمل برأيه غُنْم؛ سواءٌ أيوافق الرأيُ هواهم أم يخالفه". والتقدير: موافقةُ الرأي هواهم ومخالفتُه سواء. ومثل: "سؤال الناس مَذَلة وهوان؛ سواء أكان المسؤول قريبًا أم كان غريبًا". أي: سواءٌ كونُ المسؤول قريبًا وكونه غريبًا. فقد حل محل الجملة الفعلية الأولى في المثالين ومعها همزة التسوية، مصدر مؤول من الهمزة والجملة معًا؛ هو مصدر الفعل١ المذكور فيها مع إضافته إلى مرفوعه "فاعلًا كان، أو اسمًا لناسخ ... " وحل محل الجملة الفعلية الثانية في المثالين ومعها "أمْ" مصدر مؤول هو مصدر الفعل المذكور فيها مع إضافته إلى مرفوعه كذلك، وجاءت "الواو" بدلًا من "أمْ" في المثالين؛ لتعاطف المصدر الثاني المؤول على نظيره المصدر الأول. ويعرب المصدر الأول على حسب حاجة الجملة ... فيعرب في المثالين السالفين خبرًا، مبتدؤه كلمة: "سواء" أو العكس. وقد يعرب في غيرهما مفعولًا به، أو ... أو.. على حسب الموقع ... ويعرب المصدر المؤول الثاني معطوفًا على الأول بالواو.

والجملتان إما فعليتان كما رأينا –وهو الأكثر، ومنه قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} ، والتقدير: إنذارك٢ وعدنُه سواءٌ. وقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا} ، والتقدير: جزعنا وصبرنا سواء٣ وإما اسميتان كقول الشاعر:


١ فإن لم يكن في الكلام فعل أغنى عنه مشتق آخر من المشتقات؛ كاسم الفاعل، واسم المفعول ... ؛ فيصاغ المصدر المؤول عندئذ من المشتق مع مرفوعه. ويوضح هذا النوع من الإضافة والسبك ما سبق في ص٢٨ و٨٤ وكذلك ما سبق في ج١ ص٣٩٥ م٢٩ آخر باب الموصول حيث الكلام في كل ذلك على المصدر المؤول من غير سابك. "انظر رقم ٢ و٣ التاليين".
٢ من الممكن بعد همزة التسوية سبك المصدر المؤول بدون حرف سالك؛ طبقًا للبيان الذي تقدم في موضعه المناسب. "وهو حروف السبك ج١ م٢٩ ص٤٧٣ وج٢ م٩١ ص٢٥٦".
٣ في تأويل هذا المصدر وباقي الأمثلة المشابهة، وإعراب الآية معه، جدل طويل احتوته المطولات. وقد لخصه "الخضري" في حاشيته تلخيصًا نافعًا، وإنا نسوقه هنا لفائدته النحوية واللغوية. قال:
"أعرب الجمهور لفظ "سواء" –في الآية– خبرًا مقدمًا، عن الجملة التي بعده لتأويلها بمصدر. أي: جزعُنا وصبرُنا سواء علينا، أو عكسه وهو إعراب "سواء" مبتدأ والمصدر المؤول خبره؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>