للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعيين أحدهما؛ فيقع قبلها واحد منهما، ويقع بعدها الآخر١؛ كما في الأمثلة٢.

ولما كان التعيين والتحديد هما الغرض من الاتيان "بأمْ" هذه ومعها همزة الاستفهام التي قبلها وجب أن يجيء الجواب مشتملًا على ما يحقق الغرض؛ فيتضمن النص الصريح بذكر أحد الشيئين وحده. فيقال في المثال الأول: "العم ... " مع الاقتصار على هذا. أو: "الأخ ... " مع الاقتصار عليه. ويقال في المثال الثاني: "عادل" كذلك، أو "جائز".

ولا يصح أن يقال في الإجابة عن السؤالين وأشباههما: نعَم، أوْ: لا؛ لأن الإجابة بأحد هذين الحرفين –أو بأخواتهما من أحرف الجواب– لا تفيد تعيينًا، ولا تحديدًا، وإنما تفيد الموافقة على الشيء المسؤول عنه أو المخالفة. وهذه الموافقة أو المخالفة لا تحقق الغرض المقصود من استعمال "أمْ" المتصلة المسبوقة بهمزة الاستفهام على الوجه الذي شرحناه٣.

ولهذا القسم من قسمى "أم" المتصلة صور مختلفة؛ منها:

١- أن تقع بين مفردين متعاطفين بها، وبينهما فاصل لا يسأل عنه المتكلم -وهذه الصورة هي الغالبة- كأن يقول قائل لآخر: شاهدت اليوم سباق السباحين؛ أمحمد هو الذي فاز أم محمود؟ فالمراد من السؤال تعيين واحد من الاثنين، وقد توسط بينهما أمر ليس موضوع الاستفهام، لأنه أمر معروف


١ وإذا كان أحد الشيئين منفيًّا تعين تأخيره عن "أم" دون الآخر –كما سبق في رقم ٥ من هامش ٥٨٥ وسيجيء هذا في أول ص٥٩٤-.
٢ وفي "أم" المتصلة بنوعيها يقول ابن مالك:
وَ "أَمْ" بِهَا اعْطِفْ إِثْرَ هَمْزٍ التَّسويَهْ ... أَوْ هَمْزَةٍ عَنْ لَفْظِ "أَيٍّ" مُغْنِيَهْ
"إثر: بعد" والهمزة المغنية عن لفظ: "أيّ" هي الهمزة التي يقصد بها وبأم التعيين على الوجه الذي شرحناه. وهذه الهمزة لا تغني وحدها عن "أي"، وإنما تغني بشرط انضمام "أم" إليها؛ فهما معًا يغنيان عن "أي" التي تسد مسدهما.
٣ قد يجاب بالحرف: "لا" أو غيره مما يفيد جوابًا منفيًا إذا كان المقصود من "لا" نفي وقوع أحد الشيئين، أو الأشياء. وإظهار خطأ السائل في اعتقاده ثبوت أحد الشيئين، أو الأشياء. وقياسًا على حالة النفي السابقة، يرى بعض النحاة أن يجاب بالحرف: "نعم" –أو غيره مما يفيد جوابًا مثبتًا– إذا كان المقصود إثبات وقوع كل من الشيئين أو الأشياء، وإظهار خطأ السائل في اعتقاده ثبوت شيء واحد فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>