للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمتكلم، وهو الفوز، أما المجهول الذي يريد أن يعرفه فهو الفائز.

وقد تقع بين مفردين تعطفاهما، مع تأخر شيء عنها لا يسأل عنه المتكلم؛ تقول في المثال السالف: أمحمد أم محمود هو الذي فاز؟ وكأن يقول قائل: كتاب "العقد الفريد" كتاب أدبي نفيس، فتقول: نعم سمعت اسمه يتردد كثيرًا. ولكن أغال أم رخيص كتاب "العقد الفريد"؟ فأنت تسأل عن غلوه ورخصه، وتطلب بسؤال تعيين أحدهما، وليست تسأل عن الكتاب ذاته، فإنك تعرفه ...

ومن الأمثلة السسالفة يتبين أ، الذي يلي الهمزة مباشرة هو واحد مما يتجه إليه الاستفهام، يراد معرفته وتعيينه، أما الذي لا يتجه إليه الاستفهام فيتوسط أو يتأخر١. وهذا الحكم هو الأكبر والأول، ولكنه ليس بالواجب؛ فليس من المحتم أن يلي الهمزة أحد المرين اللذين يتجه إليهما الاستفهام لطلب التعيين. بل يصح -عن أمن اللبس- أن يقال: أكتاب "العقد الفريد" غالٍ أم رخيص؟ وهذا -بالرغم من صحته- قليل، ودرجته البلاغية ضئيلة ومراعاة الأكثر هي الأحسن.

٢- ومنها: أن تقع بين جملتين ليستا في تأويل مصدر٢، وتعطف ثانيتهما على الأولى، وهما، إما فعليتان، نحو: أزراعة مارست، أم زاولت التجارة؟ وإما اسميتان، نحو: أضيفك مقيم غدًا أم ضيفك مسافر؟ وإما مختلفان، نحو: أأنت كتبت رسالة لأخيك الغائب أم أبوك كاتبها؟

٣- ومنها: أن تقع بين مفرد وجملة؛ كقوله تعالى: {إِنْ ٣ أَدْرِي


١ لزيادة الإيضاح قالوا: إن الشرط الذي يغلب تحققه في الهمزة المعادلة "أم" –كما سبق– نهو أن يليها أحد الأمرين المطلوب تعيين واحد منهما، وأن يلي الآخر "أم" ليفهم السامع من أول الأمر نوع الشيء الذي يطلب المتكلم تعيين. تقول إذا استفهمت بالهمزة عن تعيين المبتدأ دون الخبر: أعليٍّ قائم أم سعيد، وإن شئت قلت: أعليّ أم سعيد قائم. فقد توسط الخبر دون المبتدأ: أقائم سعيد أم قاعد، وإن شئت قلت: أقائم أم قاعد سعيد؟ وعلى الآخر بأنه الخبر الخاضع للقرينة؛ كالتعريف أو التنكير هنا ... فما كان منهما معرفة فالأحسن اعتباره هو المبتدأ ولو كان متأخرًا واعتبار النكرة هي الخبر، فإن كانا معرفتين فأقواهما في درجة التعريف هو المبتدأ ... وما سبق هو الأغلب الأفصح. أما غيره –هو جائز عند أمن اللبس. مع ضعف درجته البلاغية– فإن يقع بعد الهمزة مباشرة ما ليس من الأمرين المراد تعيين أحدهما.
٢ لعدم وجود ما يقضي سبك الجملة، وتأويلها بالمصدر.
٣ إن حرف نفي، بمعنى: "ما".

<<  <  ج: ص:  >  >>