للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على فعل معين، ويتضمن معناه، وزمنه، وعمله، من غير أن يقبل علامته، أو يتأثر بالعوامل١.

ما يمتاز به اسم الفعل٢:

بالرغم من أن شأنه هو ما وصفنا فقد اكتسب بالاستعمال العربي القديم مزيتين ليستا للفعل الذي بمعناه.

الأولى: أن اسم الفعل أقوى من الفعل الذي بمعناه في أداء المعنى، وأقدر على إبرازه كاملا مع المبالغة فيه. فالفعل: "بعد" -مثلا- يفيد: مجرد "البعد"، ولكن اسم الفعل الذي بمعناه؛ وهو: "هيهات". يفيد البعد البعيد، أو: الشديد؛ لأن معناه الدقيق هو: بعد جدا؛ كما في قولهم: هيهات إدراك الغاية بغير العمل الناجع.

والفعل: "افتراق" يفيد: "الافتراق" المجرد؛ ولكن اسم الفعل:


= المضارع؛ كالنواصب أو الجوازم..، وكذلك: "حذار" فإنه اسم، مسماه فعل الأمر: "احذر" بما هو مختص به.
مما تقدم يتبين المراد -عند جمهرتهم- من أسماء الأفعال، وأن المقصود أنها "أسماء للأفعال"، كما أن لفظ: "الزمان" اسم للفاكهة المعينة، و"البلبل" اسم للطائر الخاص، و"الفرس" اسم للحيوان المعروف ... فكذلك هذه الأسماء؛ كل واحد منها اسم "لفعل بعينه ... ولما كان الاسم -كما شرحناه- يدل دلالة كاملة على مسماه، ويتضمن كل خصائص المسمى تبعا لذلك -لا بالأصالة- كان اسم الفعل متضمنا بالتبعية -لا بالأصالة- معنى فعله وزمنه، وكذا عمله، في الغالب، مع عدم التأثر بالعوامل. وكذلك يتبين أن المراد هنا من كلمة: "اسم" هو المراد منها في كل موضع آخر، ولكنه اسم في لفظه فقط؛ بدليل الإسناد إليه دائما وبدليل قبوله التنوين في حالات كثيرة، وكلاهما من علامات الاسم، وأنه ليس فعلا في لفظه! بدليل أنه لا يقبل علامة من علامات الأفعال. فحقيقة: أنه اسم في لفظه، فعل في معناه.
وبالرغم من هذا البيان الذي عرضناه لإيضاح الرأي الغالب، لا يزال يشوبه -بحق- بعض الضعف كاعتبار هذه الألفاظ أسماء عاملة، مع أنها لا موضع لها من الإعراب؛ فلا تكون مبتدأ، ولا خبرا، ولا فاعلا، ولا مضافا، ولا مضافا إليه. ولا غير ذلك ...
ويخف الاعتراض، ويكاد الضعف يختفي -لو أخذنا بالرأي القائل: إنها قسم رابع مستقل من أقسام الكلمة. وأصحاب هذا الرأي يسمونه: "خالفه" بمعنى: خليفة الفعل، ونائبه، في معناه، وعمله وزمنه، وكل ما يتضمنه على الوجه المشروح هنا.
١ قلنا هذا: لأن المضارع يتأثر بعوامل النصب والجزم. وبهذا القيد يخرج المصدر النائب عن فعله؛ فلا يعد اسم فعل؛ لأنه يتأثر بالعوامل، وتخرج كذلك المشتقات.
٢ متى يحسن الحكم على اللفظ بأنه اسم فعل؟ الإجابة في رقم ٣ من هامش ص١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>