أ- يرى بعض النحاة -ورأيه سديد- أن توكيد المضارع المنفي بالحرف:"لم" قليل، قلة ذاتية تدخله في حكم النادر الذي لا يصح القياس عليه، وليست قلة نسبية؛ "أي: ليست قلة بالنسبة لغيره، حيث يشترك القليل والكثير معا في الكثرة التي تبيح القياس عليهما، ويمتاز الكثير بزيادة الدرجة فيها". وحجته: أن "لم" حرف يقلب زمن المضارع للمضي، ونون التوكيد حرف يخلص زمنه للمستقبل، فيتعارضان. وهذا رأي يحسن الاقتصار عليه.
ب- جرى بعض النحاة على تقسيم حالات المضارع -من ناحية توكيده بالنون- خمسة أقسام، غير الحالة التي يمتنع فيها توكيده.
الأولى: وجوب توكيده ... وهي الحالة التي أوضحناها.
والثانية: أن يكون توكيده قريبا من الواجب، وذلك حين يكون مسبوقا "بإن" الشرطية المدغم فيها: "ما" الزائدة.
والثالثة: أن يكون توكيده كثيرا؛ وذلك إذا وقع بعد أداة طلب:"أمر، نهي، دعاء، عرض، حض، تمن، استفهام".
والرابعة: أن يكون توكيده قليلا، وذلك بعد:"لا" النافية، أو "ما" الزائدة غير المسبوقة بإن الشرطية.
والخامسة: أن يكون توكيده أقل، وذلك بعد:"لم" الجازمة، أو أداة شرط أخرى.
وذكروا لهذا التقسيم تعليلات مصنوعة لا يعرفها العرب، ولم تخطر ببالهم، والتعليل الحق في التقسيم يجب أن يقتصر على كثرة الاستعمال وقلته بين العرب.