للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام التي تختص بها نون التوكيد الخفيفة دون الثقيلة:

تنفرد المخففة بأمور أربعة:

الأول: عدم وقوعها -في الرأي الأرجح- بعد ألف اثنين، أو غيرها من أنواع١ الألف؛ نحو: "أيها الشابان، عاملان زملاءكما بكريم المعاملة، واجتنبان كثرة العتاب؛ فإنه يفضي إلى القطعية". فتتعين المشددة هنا مع بنائها على الكسر، ولا يصح مجيء الخفيفة؛ لأن المنع هو الأعم الأغلب في الكلام المأثور.

ويجيز بعض النحاة مجيء الخفيفة ساكنة، أو متحركة بالكسر؛ متابعة لبعض العرب، والأنسب الاقتصار على الأغلب؛ منعا للتشعيب، وابتعادا عما فيه من إلباس وخفاء٢ ...

الثاني: عدم وقوعها -في الرأي الأحسن- بعد نون النسوة مباشرة. فإذا كان الفعل المضارع أو الأمر مسندا لنون النسوة وأريد توكيده بالنون، وجب -في هذا الرأي الأعلى- أن تكون نون التوكيد مشددة، مبنية على الكسر، ووجب أن يفصل بينهما وبين نون النسوة ألف زائدة، لا مهمة لها إلا الفصل بينهما؛ نحو: "أيتها السيدات: لا تقصرنان في واجبكن القومي، وفي مقدمته حسن تربية الأولاد، والإشراف على شئون البيت، واعلمنان ما في تقصيركن من ضرر شامل، وإساءة عامة". فلا يصح مجيء الخفيفة هنا -في الرأي الأحسن الذي يحتم الاقتصار على المشددة المكسورة، بعد الألف الفاصلة؛ كهذا المثال، وبعد ألف الاثنين؛ كالمثال السابق في القسم الأول، وبعد غيرهما من كل أنواع الألف٣:


١ كالألف الفاصلة التي في النوع التالي.
٢ في هذا الأمر يقول ابن مالك:
ولم تقع خفيفة بعد الألف ... لكن شديدة، وكسرها ألف-١٠
٣ وفيه ابتعاد أيضا عن اللبس، وعن صور خيالية تنشأ عند الوقف. ومن هذه الصور الخيالية المتعددة قلب نون التوكيد الخفيفة ألفا عند الوقف بعد ألف الاثنين، أو الألف الفاصلة بين النونين -في رأي من يجيز وقومها بعدهما- في مثل يا لاعبان دحرجان كرتكما، يا لاعبات دحرجنان كرتكن؛ فتصير: دحرجا١ - ودحرجنا١. ثم تقلب الألف الثانية همزة؛ فيقال فيهما: دحرجاه، ودحرجناه؛ لوقوع الألف الثانية متطرفة بعد الألف؛ فتقلب الأخيرة همزة -تطبيقا للقواعد الصرفية في كل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>