للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في لونها سائر البدن" "وأفعى"، للحية. فكل هذه، وما شابهها، أسماء بحسب وضعها الأصلي لتلك الأشياء؛ ولهذا تصرف.

وقد يصح في هذه الكلمات -ولا يدخل فيها كلمة: أربع- منعها من الصرف على اعتبار أن معنى الصفة يلاحظ فيها، ويمكن تخيله مع الاسمية، وقد وردت ممنوعة من الصرف في بعض الكلام الفصيح، فالأجدل: يلحظ فيه القوة؛ لأنه مشتق من الجدل "بسكون الدال" بهذا المعنى. والأخيل: يلحظ فيه التلون؛ لأنه من الخيلان، بهذا المعنى. والأفعى: يلحظ فيها الإيذاء الذي اشتهرت به، واقترن باسمها١، وعلى أساس التخيل والملاحظة المعنوية مع السماع يجوز منع الصرف. ولكن الأنسب الاقتصار على صرف هذه الأسماء: لغلبة الاسمية عليها.

وهناك ألفاظ وضعت أول نشأتها أوصافا أصلية، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الاسمية المجردة٢ وبقيت فيها، فاستحقت منع الصرف بحسب أصلها الأول الذي وضعت عليه؛ لا بحسب حالتها الجديدة التي انتقلت إليها؛ مثل: "أدهم" للقيد٣؛ فإنه في أصل وضعه وصف للشيء الذي فيه دهمه، "أي: سواد"، ثم انتقل منه؛ فصار اسما مجردا للقيد؛ ومثل: "أرقم"؛ فإنه في أصل وضعه وصف للشيء المرقوم، "أي: المنقط" ثم انتقل منه فصار اسما للثعبان الذي ينتشر على جلده النقط البيض والسود. ومثل: "أسود" فأصله وصف لكل شيء أسود، ثم انتقل منه؛ فصار اسما للثعبان المنقط بنقط بيض وسود، ومثل: "أبطح" وأصله وصف للشيء المرتمي على وجهه: ثم صار اسما للمكان الواسع الذي يجري فيه الماء بين الحصى الدقيق، ومثل: "أبرق"، وأصله وصف لكل شيء لامع براق، ثم صار اسما للأرض الخشنة التي تختلط فيها الحجارة والرمل والطين.

وقد يجوز صرف هذه الأسماء على اعتبار أن وصفيتها الأصيلة السابقة قد زالت بسبب الاسمية الطارئة. ولكن الاقتصار على الرأي الأول أنسب.

ويفهم مما سبق -في غير كلمة: أربع-٤ أن الوصفية الأصيلة الباقية


١ يرى بعض النحاة أن "أفعى" لا مادة لها في الاشتقاق. ويرى آخرون -بحق- أنها مشتقة من فعوة السم، أي: شدته.
٢ الخالية من الوصفية والعلمية.
٣ المصنوع من الحديد.
٤ لما سبق في رقم ٢ من هامش الصفحة الماضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>