للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- فأما معناها فالدلالة على "الغاية"، أو: على "التعليل"، أو: على "الاستثناء".

فتدل على الغاية إذا كان المعنى بعدها نهاية حقيقة لمعنى قبلها ينقضي تدريجا لا دفعة واحدة، ولا سريعا، ويترتب على تحقق المعنى الذي بعدها أن ينقطع المعنى السابق فورا، وأن يتوقف بمجرد تحقق اللاحق وحصوله؛ نحو: "يمتد الليل حتى يطلع الفجر" -"يزداد الحر نهار الصيف حتى تغيب الشمس، ويزداد البرد ليل الشتاء حتى تشرق"- "يسرع القطار حتى يدخل المحطة، والطائرة حتى تدخل حظيرتها" ... فامتداد الليل يستمر تدريجا إلى أن يظهر الفجر، وعند ظهوره ينقطع الامتداد ويختفي. وازدياد الحر يدوم إلى أن تختفي الشمس، ومتى اختفت انقطع الازدياد وتوقف ... وهكذا بقية الأمثلة ونظائرها مما تقع فيه: "حتى" دالة على الغاية "أي: على نهاية المعنى الذي قبلها، وانقطاعه، بسبب ظهور معنى جديد بعدها، وابتداء حصوله وتحققه"، ولذا يسمونها: "حتى الغائية" أو: "حتى التي بمعنى: إلى": لدلالة كل واحدة منهما على انتهاء ما قبلها بمجرد حصول ما بعدها. ولا بد أن يكون المعنى السابق من الأمور التي تنقضي شيئا فشيئا -كما نرى- فلا ينقضي مرة واحدة، ولا ينقطع بغير تمهل.

والضابط الذي تتميز به "حتى الغائية" من غيرها هو صحة حذفها، وإحلال "إلى"١ محلها من غير أن يفسد المعنى، أو التركيب.


١ إنما تدل "إلى" على الغاية بالتفصيل الذي سبق عنها في حروف الجر -ج٢ م٩٠ ص٣٦٦- وعند التقدير نقول: "إلى أن ... " فيزاد بعدها الحرف "أن"؛ لمجرد الإيضاح والتفسير؛ لأنه الناصب للمضارع. ويوضح هذا ما يجيء -تحت عنوان: "ثالثها"، في هامش ص٣٣٧- خاصا بالكلام على "حتى" بمعنى "إلا" فكأن الذي يحل محل "حتى" هو: "إلى أن". لكن لا يصح إظهار "أن" بعد "حتى" مطلقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>