للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتدل على "التعليل" إذا كان ما قبلها سببا وعلة فيما بعدها١؛ نحو: "نقرأ الصحف حتى نعرف الشئون الداخلية والخارجية، ونستمع إلى الإذاعة حتى نعلم ما يدور في البلاد المختلفة"؛ فقراءة الصحف هي السبب في معرفة الشؤون الداخلية والخارجية، والاستماع إلى الإذاعة هو السبب في العلم بما يدور في البلاد المختلفة. فما قبل: "حتى" هو العلة والسبب فيما بعدها٢؛ ولهذا، تسمى: "التعليلية".

ومن الأمثلة أيضا؛ "تحرص الأمم على نشر التعليم حتى تنهض وتقوى، وتتنافس في ميادين الصناعة حتى تفوز بأكبر قسط من مزاياها، وتتسابق إلى كشف الكواكب حتى تستأثر بما فيها" ...

وتدل على "الاستثناء" -كإلا- إذا لم تصلح للدلالة على الغاية أو على التعليل؛ فلا بد من القطع بعدم صلاحتها "للغاية، أو للتعليل" قبل جعلها للاستثناء الخالص. نحو: "لا يصلح الوالي للحكم حتى يلتزم العدل، ويحرص عليه" ... والتقدير: لا يصلح الوالي للحكم إلا أن يلزم العدل". "فحتى" هنا بمعنى: "إلا" -وعند التقدير نقول معناها: "إلا أن"، فتظهر "أن" بعد "إلا" في حالة التقدير فقط، لمجرد الإيضاح، ولا يصح إظهار بعد "حتى"- ولا تصلح أن تكون "غائية" ولا "تعليلية"؛ إذ لو كانت "غائية" لوجب أن ينقضي المعنى قبلها تدريجيا -كما سبق- والنفي من المعاني التي تنقضي دفعة واحدة؛ لأنه حكم بالسلب على أمر، والحكم بالسلب ينصب سريعا، دفعة واحدة؛ لا تدريجا -في الصحيح٣ ...


١ أهذا يوافق قولهم: إن "حتى التعليلية" بمعنى "كي التعليلية" التي يكون ما بعدها علة فيما قبلها؟ أم أن المسألة اعتبارية؟ المراجع في هذا مضطربة.
٢ لأن السبب متقدم في زمنه على المسبب حتما.
٣ وهنا اعتبار آخر؛ هو أن الكلام قبل "حتى" منفي في هذه الصورة؛ والمنفي لا يزول معنى نفيه إذا كانت "حتى" للغاية وتحققت الغاية. فعند تحققها يبقى معنى النفي قبل "حتى" على حاله. ويترتب على بقائه فساد المعنى؛ إذ يكون التقدير: لا يصلح الوالي للحكم إلى أن يلتزم العدل، فإذا تحقق التزامه العدل لا يصلح للحكم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>