للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لصحة مجيء "إن" الشرطية وبعدها مضارع متصيد. والتقدير: إن تعرفني بيتك أزرك. بخلاف: أين بيتك أقف في السوق؛ إذ لا يصح: إن تعرفني بيتك أقف في السوق، لعدم استقامة المعنى؛ بسبب عدم ارتباط أجزائه، وفقد المناسبة بينهما ... وهكذا بقية أنواع الطلب الأخرى ومنها: الأمر والترجي بالتفصيل الآتي١ فيجري على بقية الأنواع -في الأغلب-٢ ما جرى على نظائرها.

وبعض الكوفيين -وفي مقدمتهم زعيمهم الكسائي- لا يشترط إحلال "إن" مع "لا" النافية محل "لا" الناهية، ولا إحلال "إن" قبل بقية أدوات الطلب، ولا ما يترتب على هذا الإحلال، من استقامة المعنى أو عدم استقامته. قائلا: إن إدراك المراد من الجملة الأصلية، والتفريق بين الغرض المقصود منها وغير المقصود مرجعه القرائن وحدها، فعليها دون غيرها المعول. ففي مثل قولك للمشترك: "أسلم تدخل النار" يجيز جزم المضارع "تدخل" على معنى: إن لم تسلم تدخل النار؛ فهو يقدر وجود النفي، بشرط وجود قرينة توجه الذهن إليه. في حين يستبعد النفي ويهمله إن كان الطلب نهيا، ويجعل الجملة المضارعية جوابا وجزاء للنهي مباشرة، معتمدا في فهم المراد وتعيينه على القرائن؛ مثل: لا تقترب من النار تحترق ... يجزم المضارع: "تحترق" واعتبار الجملة المضارعية هي الجواب والجزاء بغير تأويل ولا تقدير٣. وقد مال بعض النحاة القدامي إلى هذا


١ في ص٣٩٥.
٢ إلا التمني الذي أداته: "لو" فإنه كالنفي؛ لا يجزم المضارع في جوابه عند غيبة الفاء. ويعللون عدم الجزم بعد "لو": "بأن إشرابها التمني طارئ عليها؛ فلذا لم يسمع الجزم بعدها"، فإذا صح هذا التعليل الذي سجله الصبان نقلا عن ابن هشام والسيوطي، فإنه منطبق أيضا على "ألا" التي للتمني. فلماذا سكتوا عنها؟
انظر ما يتصل بهذا في ص٣٧٠ وفي رقم ٣ من هامش ص٣٨٧.
٣ ويؤيد رأيه أيضا بقراءة من قرأ قوله تعالى: "ولا تمنن تستكثرْ" بجزم المضارع "تستكثر" على معنى: تظهر كثرة نعمك على غيرك.. وقوله عليه السلام في شجرة الثوم: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا هذا، يؤذنا" بجزم المضارع "يؤذ" بحذف الياء من آخره. وقول أحد الصحابة يخاطب الرسول في أثناء موقعة: "يا رسول الله. لا تشرف، يصبك سهم". بجزم المضارع "يصب". فالأفعال المضارعة في النصوص السالفة مجزومة مع عدم استقامة المعنى بوضع "إن" الشرطية تليها "لا" النافية، بدلا من "لا" الناهية.
أما اللذين يتمسكون "بإن، و ... " فيعربون تلك الأفعال المجزومة إعرابا آخر؛ فيقولون: "تستكثر"=

<<  <  ج: ص:  >  >>