للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي، وإلى الأخذ به في أنواع الطلب المختلفة "نهيا وغير نهي" ولعل الدافع لهذا الميل هو التيسير، وأن الناس يستعملونه فلا يخفى المراد منه مع قيام القرينة الحامسة، ولكن الرأي الأول هو الأحسن، والأجدر بالاقتصار عليه؛ لأنه أكثر ورودا في فصيح الكلا وأوضح معنى، وأبعد من اللبس والخفاء١ ...


= مجزومة في جواب الطلب مباشرة، ولكن على اعتبار أن المعنى هو: لا تمنن؛ فيترتب على عدم المن أنك تطلب من الله كثرة النعم وزيادة الثواب؛ فالاستكثار بهذا المعنى ليس معيبا ولا منهيا عنه. أو أن الفعل "تستكثر" مجزوم لأنه بدل من الفعل: تمنن. فالمعنى لا تمنن ... أي: لا تستكثر ما أنعمت به ... وكذلك يقولون في المضارع.. "يؤذ"، إنه بدل من المضارع: يقرب، أي: لا يؤذنا، أما المثال الأخير: "يصب" فيحكون عليه بالشذوذ؛ إذ لا يجدون له تأويل سائغا.
وفيما يلي بعض أمثلة للنهي يستقيم فيها المعنى على تخيل "إن" وإحلالها مع "لا" النافية بالطريقة التي سلفت محل "لا" الناهية، وجزم المضارع في الجواب ... وأمثلة أخرى لا يستقيم فيها المعنى على تخيلهما.
أ- فمن الأولى:
لا تهمل يشتهر أمرك بالإجادة، إلا تهمل يشتهر أمرك ...
لا تفش أسرار الناس تكتسب ودهم، إلا تفش ... تكتسب ...
لا تسرق تحترم، إلا تسرق تحترم.
لا ترفع صوتك تحسن، إلا ترفع صوتك تحسن.
لا تصافح المريض تسلم، إلا تصافح المريض تسلم.
ب- ومن الثانية:
لا تهمل يخمل شأنك، إلا تهمل يخمل شأنك.
لا تفش أسرار أناس تفقد ودهم، إلا تفش أسرار الناس تفقد ودهم.
لا تسرق تعاقب، إلا تسرق تعاقب.
لا ترفع صوتك يزعج السامعين، إلا ترفع صوتك يزعج السامعين.
لا تصافح المريض تنتقل إليك عدواه، إلا تصافح المريض تنتقل إليك عدواه.
١ وفيما سبق من جزم المضارع عند سقوط الفاء بعد غير النفي -أي: بعد الطلب- يقول ابن مالك:
وبعد غير النفي جزما اعتمد ... إن تسقط. "الفا" والجزاء قد قصد-١٤
وشرط. جزم بعد نهى أن تضع ... "إن" قبل: "لا" دون تخالف يقع-١٥
التقدير: "واعتمد جزما بعد غير النفي إن تسقط الفاء والجزاء قد قصد" ... دون تخالف يقع، أي: بشرط ألا يقع اختلاف في المعنى قبل مجيء "إن" سابقة "لا" وبعد مجيئها. وترك الشروط والتفصيلات الأخرى التي أوضحناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>