للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جواب الأمر والترجي:

كل ما تقدم يسري على المضارع الخالي من الفاء، الواقع في جواب نوع من الطلب؛ كالأمرن أو الترجي، أو غيرهما ... ونخص هذين بشيء من البيان.

أ- من أنواع الطلب المحض: الأمر -كما عرفنا-١ والمضارع في جوابه إذا كان مقرونا بفاء السببية، يجب نصبه بأن مضمرة وجوبا. وكثرة النحاة تشترط لنصبه هذا أن يكون بالصيغة الصريحة الدالة على فعل الأمر مباشرة؛ نحو: "ارحم من هو أضعف منك؛ فيرحمك من هو أقوى منك"، أو بالصيغة التي تشبهها؛ وهي لام الأمر الجازمة للمضارع؛ نحو: "لترحم من هو أضعف منكم فيرحمك من هو أقوى ... ".

فإن لم تكن الدلالة على الأمر بإحدى هاتين الصيغتين فالفاء بعدها ليست للسببية؛ كالدلالة باسم فعل الأمر في مثل: صه عن اللغو؛ فيرتفع قدرك، ومثلك مكانك فتحمدين أو تستريحين. أو بالمصدر الواقع بدلا من التلفظ بفعله في مثل: سعيا في الخير، فتجتمع القلوب حولك. أو بصيغة الدعاء بالاسم في مثل: سقيا لوطن الأحرار فيسعدون به. أو بصيغة الجملة الخبرية بقصد الدعاء -أو غيره-٢ نحو: يعينني الله فأحتمل أعباء الجهاد. فالفاء في كل هذه المواضع ليست للسببية يف رأي الكثرة. وقد سبق٣ أن الأفضل التيسير بقبول الرأي الذي يجعلها سببية.

واتفق رأي الكثرة والقلة على صحة جزم المضارع الواقع بعد هذه الفاء إذا سقطت، وخلا الكلام منها؛ فيصير المضارع بعد غيابها واقعا في جواب الأمر فيجزم؛ سواء أكانت الدلالة على الأمر بالصيغتين الأصليتين أم بغيرهما من باقي الصيغ التي عرضناها؛ بشرط استقامة المعنى عند إحلال "إن" الشرطية،


١ في ص٣٦٥ وما بعدها.
٢ أي بقصد غير الدعاء، كالأمر -كما سيجيء في الصفحة الآتية.
٣ في ص٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>