للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمضارع المناسب محل الأمر١؛ فتقول: ارحم من هو أضعف منك يرحمك من هو أقوى٢، لترحم من أهو أضعف منكم يرحمك من هو أقوى. كما تقول: صه عن اللغو يرتفع قدرك، ومكانك تحمدي أو تستريحي، سعيا في الخير تجتمع حولك القلوب، سقيا لوطن الأحرار يسعدوا به، يعينني الله أحتمل أعباء الجهاد ... ، ومثل الجملة الخبرية المقصود منها الأمر، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ} ٣، بجزم المضارعين "يغفر" و "يدخل" في جواب الأمر: إذ الأصل: آمنوا بالله ورسوله، وجاهدوا في سبيل الله ... يغفر لكم ... ويدخلكم ... ، ومثل الآية الكريمة٣ كثير من فصيح الأساليب التي يحاكيها الناس حتى يومنا هذا -وقد أشرنا لبعضها في مناسبة سابقة-٣ كقول الزارع ينصح زميله: "تزع حقلك وتعتني به تحصد كثيرا". "وتهمل أمر زرعه، وتنصرف عنه تحزم يوم الحصاد". التقدير: ازرع حقلك واعتن به تحصد كثيرا. وأهمل أمره، وانصرف عنه تحزم. ومن الأمثلة المأثورة: اتقي الله امرؤ فعل خيرا يشب عليه ... التقدير: ليتق الله امرؤ، وليفعل خيرا ... يشب عليه٤..


١ وبه يتم تحقق الشروط الثلاثة اللازمة، وهي: "الطلب -وقوع المضارع جوابا له- صحة إحلال "إن". و ...
٢ ومثل قول الشاعر:
الرفق يمن، والأناة سعادة ... فتأن في رفق تلاق نجاحا
٣ و٣ سبقت الآية وأمثلة أخرى في ص٣٦٦، وهامشها وما بعدها.
٤ وفي جزم المضارع في جواب الأمر يقول ابن مالك:
والأمر إن كان بغير: "افعل" فلا ... تنصب جوابه. وجزمه اقبلا-١٦
"اقبلا، أصلها: اقبلن، بنون التوكيد الخفيفة، قلبت ألفا للوقف". يريد: الأمر -وهو من أنواع الطلب- إن كانت صيغته ليست الصيغة الصريحة فيه -وهي "افعل"- لا يجوز اعتبار الفاء بعده سببية ما دامت الصيغة ليست صريحة أصيلة فيه، وبارغم من هذا يصح المضارع في جواب هذا الأمر عند سقوط تلك الفاء. وهذا الكلام مبتور غير واف.

<<  <  ج: ص:  >  >>