للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستريحا للنصح، منشرحا له. وإلا فلا ... أي: فلا تنصحه.

ويجب حذف المضارع بعدها في حالة واحدة؛ هي: أن ينوب عن مصدر محذوف، مؤكد، دال على نهي، كقولك لمن يتكلم والخطيب يخطب: سكوتا لا كلاما، أي: اسكت سكوتا، لا تتلكم كلاما١.

٣- كثرة جزمها المضارع المبني للمعلوم إذا كان مبدوءا بالتاء أو الياء، نحو قوله تعالى: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} . وقول الشاعر:

لا تسأل الناس عن مالي وكثرته ... وسائل الناس عن حزمي وعن خلقي

وقولهم: لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق؛ فإن الرزق لا يسعى للقاعد عن طلبه٢.

فإن كان مبدوءا بعلامة التكلم "الهمزة، أو: النون" فمن النادر الذي لا يقاس عليه أن تجزمه -في الرأي المختار- لأن المتكلم لا ينهى نفس إلا مجازا. ومن القليل المسموع قول الشاعر:

لا أعرفن ربربا٣ حورا مدامعها ... مردفات٤ على أعقاب٥ أكوار٦


١ طبقا للبيان الذي سبق تفصيله في بابه المناسب "باب: "المفعول المطلق"، موضوع: "حذف عامل المصدر" ج٢ م٧٦".
٢ ومثله قول الشاعر:
لا يعجبن مضيما حسن بزته ... وهل يروق دفينا جودة الكفن؟
المضيم: الذليل المهين -البزة: الهيئة ... والمضارع مبني على الفتح في محل جزم- فهو مجزوم محلا، كما سيجيء في رقم ٣ التالي وكما في قوله: "لا تكونن على الإساءة، أقوى منك على الإحسان". وقد اجتمعت التاء والياء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} .
اتلمزوا: لا تذموا ولا تعيبوا. لا تنابزوا: لا تتنادوا بالألقاب المكروهة.
٣ قطيعا من الظباء أو البقر الوحشية، والمراد: جماعة من النساء جميلات العيون كالربرب. والمضارع في هذا البيت -كما في سابقه- مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، في محل جزم؛ فهو مجزوم محلا -كما سبق هنا في رقم ٢ وفي رقم ١ من هامش ص٤٠٥.
٤ متتابعات؛ بعضها وراء بعض.
٥ جمع: عقب، وهو آخر كل شيء.
٦ جمع: كور، وهو: الرحل بأدواته.

<<  <  ج: ص:  >  >>