للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف النحاة في تعيين الأداة العاملة؛ فقائل: إنها "لم"؛ لاتصالها به مباشرة، وأداة الشرط مهملة١ داخلة على جملة، وقائل: إنها أداة الشرط، لسبقها ولقوتها، فكما تؤثر في زمنه فتجعله للمستقبل الخالص تؤثر في لفظه فتجزمه كما جزمت جوابه؛ وخلصت زمنه للمستقبل. وفي هذه الحالة تقتصر "لم" على نفي معناه دون جزمه، ودون قلب زمنه للماضي. والأخذ بهذا الرأي أحسن؛ بالرغم من أن الخلاف لا قيمة له؛ لأن المضارع مجزوم على الحالين، والمعنى لا يتأثر.

٢- صحة الفصل بينها وبين مجزومها في الضرورة الشعرية فقط؛ كقول الشاعر:

فأضحت مغانيها قفارا رسومها ... كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل

أي: كأن لم تؤهل سوى أهل من الوحش.

٣- جواز أن يكون معنى المضارع المنفي بها قد انتهى وانقطع قبل الكلام بوقت قصير أو طويل٢، وأن يكون مستمرا متصلا بالحال؛ "أي: بوقت الكلام" ولكن يستحيل أن يكون للمستقبل، أو متصلا به ... ٣؛ فمثال انقطاعه قبل الكلام وعدم امتداده للحال: لم ينزل المطر٣ منذ شهرنا. ومثال استمراره واتصاله بالحال وعدم انقطاعه قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ،


= "واجعل لنحو يفعلان النون ... " ما نصه: "فإن لم تفعلوا" قيل: تنازع الحرفان الفعل فأعمل الثاني، وحذف نظيرها من الأول. وقيل الأصل: إن ثبت أنكم لم تفعلوا ... ، فمضي "لم" في عدم الفعل، واستقبال "إن" في إثبات ذلك العدم، هو على حد قوله تعالى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} فإن المعلق عليه إثبات القد، لا هو نفسه؛ لسبقه على وقت المحاكمة. وقيل: "لم" عملت في الفعل، وهي معه في محل جزم بإن، وجواب الشرط على كل محذوف تقديره: فاتركوا العناد ... ". ا. هـ.
وستجيء إشارة لهذا في "ج" من ص٤٣٧، والأنسب الأخذ بما عرضناه هنا؛ لبعده من التكلف والتعقيد.
١ أي: لا عمل لها.
٢ والغالب في هذا الزمن الماضي المنقطع أن يكون مقداره طويلا؛ سواء أكان انقطاعه قبل الكلام قصيرا أم طويلا. أي: أن الغالب على هذا الزمن الماضي أن يكون أوله قديما بعيدا عن نهايته؛ فالاتساع عظيم بين أوله ونهايته. أما نهايته المنقطعة فقد تكون قريبة أو بعيدة من بداية الزمن الحالي. "انظر رم ٢ من هامش ص٤١٨".
٣ و٣ لهذا لا يصح أن يقال على سبيل الحقيقة اللغوية: لم يسافر فلان غدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>