للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما قد تكون -أحيانا- غير فعل مضارع؛ إذ من المقرر أن أداة الشرط الجازمة تجعل زمن شرطها وجوابها مستقبلا خالصا١ ومن المقرر كذلك أن تحقق الجواب وقوعه متوقف على تحقق الشرط ووقوعه، ومعلق عليه٢؛ فإذا حصل الشرط حصل ما تعلق عليه، وهو: الجواب. لا فرق في هذا بين أن تكون الأداة مقتصرة في معناها على التعليق -مثل: "إن"- أم متضمنه معه معنى آخر: كالزمانية، أو المكانية، أو غيرهما مما يتضمنه بعض الأدوات الأخرى "وسنعرفه٣ بعد، كما نعرف المراد من التعليق وما يقوم مقامه، وتفصيل الكلام فيه".

فمثال جزمها المضارعين لفظا قول الشاعر لأديب ليس من أقاربه:

إن يفترق نسب يؤلف بيننا ... يدب أقمناه مقام الوالد

وقول الآخر:

ردوا السيوف إلى الأغماد واتئدوا ... من يشعل الحرب يصبح من ضحاياها

ومثال جزمها الماضيين جزما محليا٤ قول الشاعر في حساده:

صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا٥


= المحض، سواء أكان الفعل ماضيا، أم مضارعا، لهذا -كما سيجيء في رقم ٩ من ص٤٤٧- لا يصح في الجملة الشرطية أن تكون حالا بعد تلك الأداة؛ لأن الحال لا يصح أن تسبقه علامة استقبال. ومن ثم قالوا في مثل: "لأمدحن المخلص إن حضر وإن غاب" ... إن الجملة الشرطية وقعت هنا حالا مع أنها إنشائية مشتملة على علامة استقبال هي: "إن" -لأنها جملة شرطية لفظا لا معنى؛ إذ التقدير: لأمدحنه على كل حال ...
"وقد سبق بيان هذا في باب الحال ج٢ م٨٤ ص٣١١".
١ قد تشتمل إحدى الجملتين على كلمة صريحة الدلالة على المضي الحقيقي؛ كالمثال الذي سبق في أول هامش الصفحة السابقة، وهو: إن تكرمني فقد أكرمتك أمس. وفي هذه الصورة يتعين أن يكون المراد الإخبار في المستقبل على الوجه الذي سلف. ومثله: إن أكرمتني أمس فأنا أكرمك غدا، أي: إن تتحدث عما وقع من إكرامك إياي بالأمس فأنا أكرمك غدا. وفي هاتين الصورتين دقة توجب اليقظة والتنبه؛ كي لا يقع الخطأ في استعمالها على الوجه الصحيح الذي يؤدي إلى اعتبار الشرط والجواب فيهما مستقبلا كغيرهما.
٢ سبق توضيح هذا مفصلا في رقم ١ من هامش ص٤٢٢.
٣ في ص٤٢٧.
٤ مع ملاحظة ما يأتي في رقم ٢ من ص٤٦٨ خاصا بالماضي الواقع جوابا.
٥ استمعوا له بإعجاب. ومن أمثلة الماضيين أيضا قولهم: "من نم لك نم عليك". إذ المراد: من ينم لك ينم عليك، والنميمة: الوشاية ونقل الكلام بين الناس للإيقاع والإفساد بينهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>