ولماكان هذا الكون العام واضحا ومفهوما بداهة وجب حذفه إن وقع صلة، لعدم الحاجة إلليه في كشف المراد، فهو محذوف كالمذكور. وكذلك يحذف وجوبا إن وقع خبرا، أو صفة، أو حالا، كما سنعرف هنا، وفي أبوابها. الثانية: أن يكون متعلقهما أمرا خاصا محذوفا لوجود ما يدل عليه. ويظهر المتعرق الخاص في المثالين السابقين بأن نقول: "تكلم الذي وقف عندك" و "سكت الذي نام في الحجرة" فكلمة: "وقف" أو "نام" تؤدي معنى خاصا، هو: الوقوف، أو: النوم، ولايمكن فهمه إلا بذكر كلمته في الجملة، والتصريح بها، فليس هو مجرد حضور الشخص ووجوده المطلقين، وإنما هو الوجود والحضور المقيدان بالوقوف أو بالنوم.... ولهذا لا يصح حذف المتعلق الخاص إلا بدليل يدل عليه، مثل: قعد صالح في البيت، ومحمود في الحديقة، فتقول: بل صالح الذي في الحديقة. تريد: بل صالح الذي قعد في الحديقة. فإن حذف المتعلق الخاص بغير دليل كان الظرف والجار مع المجرور غير تامين، فلا يصلحان للصلة، مثل: هدأ الذي أمامك، أو: منك. تريد: هدأ الذي غضب أمامك، أو: غضب منك ... , ومثل غاب الذي اليوم ... أو الذي بك ... تريد: غاب الذي حضر اليوم، والذي استعان بك ... هذا، وظرف المكان هو الذي يكون متعلقة في الصلة كونا عاما واجب الحذف، أو كونا خاصا واجب الذكر إلا عند وجود قرينة فيجوز معها حذفه أو ذكره. أماظرف الزمان فلا يكون متعلقه إلا خاصا، فلا يجوز حذفه إلا بقرينة، وبشرط أن يكون الزمان قريبا من وقت الكلام، نحو: نزلنا المنزل الذي البارحة، أو أمس، أو آنفا، "أي: في أقرب ساعة ووقت منا"، تريد: الذي نزلناه البارحة، أو أمس أو آنفا. فإن كان زمن الظرف بعيدا من زمن الإخبار بمقدار أسبوع مثلا، لم يحذف العامل. فلا تقول: نزلنا المنزل الذي يوم الخميس أو يوم الجمعة. إذا كان قد مضى نحو أسبوع.... ولم يحدد النحاة الزمن القريب أو البعيد، ولكن قد يفهم من أمثلتهم أن القريب: ما لم يتجاوز يومين، وأن البعيد ما زاد عليهما. وربما كان عدم التحديد مقصودا منه ترك الأمر للمتكلم والسامع. وشبه الجملة بنوعيه يسمى:"مستقرا" بفتح القاف - حين يكون متعلقه كونا عاما، ويسمى: "لغوا" حين يكون متعلقه كونا خاصا مذكورا، أو محذوفا لقرينة- وشرح هذا في ص ٤٧٧ -.