للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تكون صفة صريحة، ولا يصح التعلق بفعل -كما سنعرف١.

أما الصفة٢ الصريحة فالمراد بها: الاسم المشتق الذى يشبه الفعل فى التجدد والحدوث٣، شبهًا صريحًا؛ أى: قويًا خالصًا "بحيث يمكن أن يحل الفعل محله" ولم تغلب عليه الاسمية الخالصة. وهذا ينطبق على اسم الفاعل -ومثله صيغُ المبالغة- واسم المفعول؛ لأنهما -باتفاق- يفيدان التجدد والحدوث؛ مثل قارئ، فاهم: زَرّاع، مقروء، مفهوم ... ٤.


١ فيما يلي مباشرة.
٢ لا يراد بالصفة هنا النعت، وإنما يراد بها الاسم المشتق منا لمصدر للدلالة على شيئين معا، هما: ذات، وشيء فعلته تلك الذات، أو وقع عليها من غيرها، أو اتصل بها بنوع من الاتصال نحو: قائم، مكرم، ملعب فكلمة. "قائم" تدل على شيئين: "ذات" "فعلت القيام، وكلمة: "مكرم" تدل على شيئين أيضا: "ذات" "حصل لها الإكرام" ... و "ملعب" تدل على شيئينن: "ذات، أي: مكان" "حصل فيه اللعب وهكذا ... والأحسن أن يقال: "معنى وصاحبه" لأن صاحبه في أحيان قليلة يكون غير ذات ولا مشخص.
وعلى ضوء ما تقدم نفهم معنى قولهم: إن المشتق هو ما دل على ذات وصفة، أي: ذات، وشيء آخر اتصفت به تلك الذات، بأن فعلته هي مباشرة، أو لم تفعله هي وإنما وقع عليها، أو التصق بها بطريقة ما، كما أشرنا.
والمشتقات الأصيلة ثمانية، "يجيء شرحها في الجزء الثالث ص ١٧٨ م ٩٨ وما بعدها" اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل، واسم الزمان، واسم المكان، واسم الآلة، والمصدر الميمي. "ومنها، الأفعال أيضا باعتبارها مأخوذة من المصدر، وإن كانت لا تدل على ذات".
ولكل مششنق باب يحوي أحكامه المختلفة. والذي يعنينا الآن أن كل واحد من هذه المشتقات الثمانية يشبه - في الغالب -- الفعل المضارع الذي يشترك معه في الاشتقاق من مصدره، فقائم" يشبه "يقوم" وكلاهما مشتق من "القيام" و "مكرم " يشبه "يكرم" وكلاهما مشتق من الإكرام" و "ملعب" يشبه "يلعب " وكلاهما مشتق من "اللعب" وهكذا. والمشتق إنما يشبه غالبا المضارع في معناه، وفي عمله وفي الدلالة على زمنه، وفي حركات الحروف وسكناتها. غير أن هذا الشبه متفاوت بين تلك المشتقات وليست فيه سواء، فمنه ما يشبهه في الأشياء السابقة كلها، كاسم الفاعل، واسم المفعول، ولذا يسميان: "الصفة الصريحة" أي: المحضة، القاطعة في مشابهته - وهما المقصودان في صلة أل- ويمكن تأويلهما به، مع بعدهما عن الاسم الصميم "أي: الجامد" ومنها ما يشبهه في أكثرها كالصفة المشبهة، ثم اسم التفضيل. ومنه ما يشبهه في أقلها وهو اسم الزمان، واسم المكان، واسم الآلة، فإن كل واحد من هذه الثلاثة لا يكاد يشبه المضارع- باطراد في شيء إلا في المعنى العام، ثم لا يكاد - بعد ذلك يشبهه ولا يشبه غيره من الأفعال في الدلالة على الزمن، ولا في العمل، ولا في الحركات، ولا السكنات، ولا غيرها.
٣ لذلك يقولون عنها إنها اسم في اللفظ، فعل في المعنى، ويعطف عليها الفعل، مثل قوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ} .
٤ أما الصفة المشبهة ففيها خلاف عنيف - عرضوه في أول باب: "الإضافة" عند الكلام على المضاف الذي يشبه: "بفيعل"، والإضافة المحضة وغير المحضة. ووجه منعها أن تكون صلة: "أل" ومخالفتها لاسم الفاعل واسم المفعول الأصليين أنها لا تؤول بالفعل، لأنها للثبوت والفعل للتجدد والحدوث، ومن ثم كانت "أل" الداخلة على اسم التفضيل ليست موصولة. ووجه الجواز مشابهتها الفعل في رفعها الاسم الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>