للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان: نفهم معناها من مثل: كان الطفل جارياً؛ فهذه الجملة يراد منها إفادة السامع أن الطفل موصوف بشئ؛ هو: "الجرى"، وان الجرى فى زمن ماض؛ بدليل الفعل: "كان".

ولوقلنا: يكون الطفل جارياً - لكان المراد إفادة السامع أن الطفل موصوف بشئ؛ هو: "الجرى"، وأن الجرى فى زمن حالى أومستقبل، بدليل الفعل المضارع: "يكون".

ولوقلنا: كن جاريًا - لكان المراد إفادة السامع أن المخاطب موصوف بتوجه طلب معين إليه؛ هو؛ مباشرة الجرى، أى: مطالبته بالجرى فى المستقبل؛ بدليل فعل الأمر: "كُنْ".

مما سبق نفهم المراد من قول النحاة: "كان" مع معموليها تفيد مجرد اتصاف اسمها بمعنى خبرها اتصافاً مجرداً١ فى زمن يناسب صيغتها. فإن كانت صيغتها فعلاً ماضياً فالزمن ماض، بشرط ألاّ يوجد ما يجعله لغير الماضى المحض. وإن كانت صيغتها فعلاً مضارعاً خالصا٢ فالزمن صالح للحال والاستقبال بشرط لا يوجد ما يجعله لغيرهما، وإن كانت صيغتها فعل أمر فالزمن مستقبل؛ إن لم يوجد ما يجعله لغيره -. وإن كانت الصيغة إحدى مشتقات مصدرها فالزمن على حسب ما يناسب هذا المشتق٣.

حكمها: لا بد لإعمالها هي والمشتقات من تحقق الشروط العامة السالفة.

وقد تستعمل "كان" الناسخة بمعنى: "صار"٤ فتأخذ أحكامها، وتعمل عملها بشروطه؛ مثل: جمد الماء فكان ثلجاً - احترق الخشب فكان تراباً٥.


١ ولا محدد - في زمن خاص، ولا يدل على أكثر من هذا، كالصبح في: أصبح، والمساء في، أمسى والضحا: في أضحى.... ويكون الزمن ماضيا أو حالا أو مستقبلا على حسب نوع الفعل الناسخ. أما الفعل مع معموليه فيدل على اتصاف الاسم بمعنى الخبر في زمن معين، اتصافا ينشأ عنه أن تؤدي الجملة معناها المطلوب الأساسي كاملا واضحا.
١ اتصافا مجردا، أي: لا زيادة معه، لأنها لا تدل بصيغتها على نفي، أو دوام، أو تحول، وزمن خاص، - كالصباح والمساء، والضحا- ولا على غير ذلك مما تدل عليه أخواتها. حقا إنها تدل على الزمن الماضي أو غيره، ولكن دلالتها عليه مطلقة، ولا غير ذلك مما تدل عليه أخوتها. حقا إنها تدل على الزمن الماضي أو غيره، ولكن دلالتها عليه مطلقة، إذ لا تقييد فيها بالصباح، أو المساء، أو غيرهما.
٢ أي: حقيقيا، بمعنى أنه غير مصحوب بما يجعل زمنه الماضي فقط، مثل: "لم" أو للمستقبل فقط، مثل: "سوف" أو للحال مثل: "ما النافية....
٣ طبقا للأحكام الخاصة بكل مشتق، والمدونة في بابه.
٤ سيجيء في ص ٥٥٦ الكلام على "صار"، وشروطها، ومعناها الذي هو: التحول والانتقال من حالة إلى أخرى....
٥ ومنه قوله تعالى {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا، وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} ، أي: "صارت" فيهما، لأن المعنى يقتضي هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>