للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحداً واحداً؛ بحيث لا يخلوطائر من الحكم عليه بعدم الوجود.

مما سبق نعلم أن: "لا" النافية التى تعمل عمل: "كان" لا تدل على نفى الجنس كله فرد فرداً دلالة قاطعة لا تحتمل معها أمراً آخر؛ وإنما تدل - دائماً - على احتمال أمرين١، فإن كان اسمها مفرداً دلت على نفى الخبر عن فرد واحد، أوعلى نفيه عن كل فرد من الأفراد. وإن كان اسمها مثنى أوجمعاً دلت أيضاً على احتمال أمرين؛ إمَّا نفى الخبر عن المثنى فقط، أوعن الجمع فقط، وإمَّا نفيه عن كل فرد من أفراد الجنس. فدلالتها على نفى الخبر تحتمل هذا، وتحتمل ذاك فى كل حالة. وليست نصًّا٢ فى أمر واحد.

ومن أجل أنها تحتمل نفى الخبر عن الفرد الواحد إذا كان اسمها مفرداً سميت: "لا" التى لنفى الواحد، أو: "لا" التى لنفى الوحْدة، أى: الواحد أيضاً.

والذين يُعملونها يشترطون لذلك شروطاً خمسة٣.

أولها: أن يكون اسمها وخبرها نكرتين٤؛ أو ما في حكم النكرة٥ مثل: لا مالٌ باقياً مع التبذير. فإن كان أحدهما معرفة أوكلاهما - لم تعمل٤.


١ ما لم توجد قرينة تمنع الاحتمال، وتعين أحدهما وحده.
٢ إذا أردنا النص على أن النفي يقع على كل فرد من أفراد اسم "لا" أي: يقع على أفراد الجنس واحدا واحدا، من غير احتمال آخر - أتينا بالحرف الذي يدل على ذلك وهو: "لا" النافية للجنس، بشرط أن يكون اسمها مفردا، لا مثنى ولا جمعا، وهي من أخوات "إن" تنصب مثلها الاسم وترفع الخبر. "وسيجيء الكلام مفصلا عليها في بابها الخاص، آخر هذا الجزء، ص ٦٨٣"، فإن لم يكن اسمها مفردا بأن كان مثنى أو جمعا كانت فيهما هي و "لا" العاملة عمل ليس - سواء، فيقع الاحتمال بين أن يكون الخبر منفيا عن الاثنين فقط، أو عن الجماعة فقط، وأن يكون منفيا عن كل فرد من أفراد الجنس. فالفرق بين نوعي "لا" العاملة إنما يتحقق حين يكون اسمها مفردا، "انظر هامش ص ٦٨٥، حيث البيان".
٣ مع ملاحظة ما لا يصلح أن يدخل عليه الناسخ، "وقد سبق في رقم ١ من هامش ص ٥٤٣". ومنه: ألا يكون اسمها شبه جملة.
"٤ و٤" فلا يصح: لا السلاح مأمونا في يد الطائش. لا لاح المأمون في يد الطائش، لا السلاح المأمون إذا كان في يد الطائش.... فمثل هذه تراكيب غير صحيحة، بسبب إعمال "لا" مع فقدها شرطا من شروط الإعمال، إلا عند الكوفيين، فإنهم لا يشترطونه، وبمذهبهم قال المتنبي:
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذي ... فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
٥ يجوز أن يكون خبرها جملة فعلية أو شبه جملة، لأنهما يكونان في حكم النكرة - "كما سبق في رقم ١ من هامش ص ٤٨ وفي ١ من هامش ص ٢١٣ وفي ٢ من هامش ص ٢٠٩..... - ".

<<  <  ج: ص:  >  >>