للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= في مثل: "إن القاهرة ودمشق حاضرتان...." يجوز نصب "دمشق" على اعتبار واحد، هو أنها معطوفة على اسم "إن" المنصوب، والخبر هو: "حاضرتان"، فالعطف عطف مفرد على مفرد، ولا يجوز أن يكون عطف جملة على جملة بإعراب "دمشق" منصوبة، اسم "إن" المحذوفة مع خبرها الذي يدل عليه خبر "إن" الموجودة، إذ يكون التقدير: إن القاهرة حاضرتان - وإن دمشق حاضرة - فتختل المطابقة اللفظية. هذا إلى أننا سنعطف جملة على جملة لم تكل ولم تتم. والأمران ممنوعان.

ولو أعربنا كلمة "حاضرتان" خبر "إن" المحذوفة، وخبر المذكورة محذوف لكان التقدير إن القاهرة حاضرة وإن دمشق حاضرتان" وهو فاسد، لاختلال المطابقة اللفظية، كفساده في مثل: محمود وصالح غائبان، على اعتبار كلمة. "صالح" مبتدأ خبره محذوف فيكون التقدير: محمود - وصالح غائب - غائبان.... والفساد واضح هنا، كوضوحه لو أعربنا كلمة: "صالح" مبتدأ، خبره كلمة: "غائبان" والتقدير: محمود غالب وصالح غائبان.

والأمر بالعكس لو قلنا: إن القاهرة ودمشق حاضرة، إذ يصح أن يكون "دمشق" منصوبة إما: على اعتبارها اسم "إن" المحذوفة، وحدها، وكلمة: "حاضرة" المذكورة خبرها. ويكون خبر "إن" المذكورة محذوفة تقديره. عاصمة. مثلا - فالأصل: إن القاهرة عاصمة.... وإن دمشق حاضرة، فالجملة الاسمية الثانية معطوفة على الجملة الاسمية الأولى. والعطف عطف جمل، ولا يصح أن يكون عطف مفردات، لما يترتب عليه من تقدير يجعل أصل الجملة: "إن القاهرة ودمشق حاضرة" فتختل المطابقة اللفظية - كما تختل في مثل: حامد وأمين قائم - بعطف "أمين" مباشرة - على: "حامد" فيقع المفرد خبرا عن المثنى أو ما في حكمه، وهذا ممنوع.

وإما على اعتبارها اسم "إن" المحذوفة - أيضا - مع خبرها. وأصل الكلام: إن القاهرة حاضرة وإن دمشق "حاضرة" فتقدمت الجملة الثانية، واعترضت بين اسم "إن" الأولى وخبرها، فهي جملة معترضة، وليست معطوفة، إذ لا يصح عطف جملة إلا بعد أن تم الجملة الأولى، وهي المعطوف عليها - كما تقدم.

ومما سبق نعرف أن النزول على حكم المطابقة اللفظية أمر محتوم، فحيث تحققت وتحكمت - كالمثال الأول - وجب اعتبار العطف عطف مفردات - وحيث اختلفت - كالمثال الثاني - وجب اعتباره عطف جمل، أو اعتبار الجملة الثانية غير معطوفة، وإنما هي جملة معترضة تقدمت من تأخير تفصلت بين اسم إن وخبرها. وقد تكون مستأنفة إن اقتضى المعنى ذلك.

ب- تعليل الرفع:

في المثال الأول ونظائره من نحو: إن العالة والنصفة كفيلتان بالأمن والرخاء، يجوز رفع كلمة: "النصفة" على أنها معطوفة على اسم "إن" باعتبار أصله مبتدأ مرفوعا قبل مجيء الناسخ، والخبر هو كلمة: "كفيلتان" فالعطف عطف مفردات، لمطابقة الخبر لاسم "إن" مع المعطوف، ولا يصح أن يكون عطف جمل، بإعراب كلمة: "النصفة" مبتدأ خبره محذوف، لما يلزم عليه من فساد الأسلوب لفساد المطابقة، كما شرحنا.... ولما يلزم عليه أيضا من عطف جملة على جملة أخرى لم تكمل.

فلو قلنا: إن العدالة والنصفة كفيلة بالأمن والرخاء، لجاز الرفع على اعتبار كلمة: "النصفة" مبتدأ خبره، كلمة: "كفيلة" الموجودة، وخبر "إن" محذوف. - بعد اسمها - تقديره: كفيلة أو ضامنة.... أو....، وتقدير الكلام: إن العدالة كفيلة بالأمن، والنصفة كفيلة بالأمن. فيكون الكلام عطف جملة اسمية لاحقة على نظيرتها السابقة، كما يجوز إعراب كلمة: "كفيلة" الموجودة خبر "إن". أما خبر المبتدأ فمحذوف تقديره: كفيلة - مثلا- فتكون الجملة المكونة من المبتدأ =

<<  <  ج: ص:  >  >>