للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= والخبر جملة اعتراضية بين اسم "إن" خبرها، ولا يجوز أن تكون معطوفة، لما سبق من أنه لا يجوز عطف جملة على جملة إلا بعد أن تتم الأولى وهي التي عطف عليها.

ولا اعتداد برأي من يرفض الرفع في الصورة التي لا مطابقة فيها - وغيرها فيمنع أن يقال: إن العدالة والنصفة كفيلة.... كما يمنع أن يقال: إن محمدا وعلى قائم. فلو أخذنا برأيه لاعترضتنا أمثلة ناصعة الفصاحة من القرآن الكريم. والكلام العربي الصحيح، ولم نجد بدا من التمحل الملعيب، والتأويل البغيض. وكيف يوجب كثير من النحاة النصب. وحده - عند العطف بعد الاسم وقبل مجيء خبر "إن" مع مجيء الرفع في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى ... } من آمن بالله.... فكلمة: "الصابئون" وقعت مرفوعة بعد العاطف وقبل مجيء خبر "إن" واسم" إن" هو كلمة: "الذين ومثلها قراءة قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ ... } برفع كلمة "ملائكة" بعد العاطف وقيل خبر "إن" وكذلك قول الشاعر:

فمن يك أمسى في المدينة رحله ... فإني وقيار بها لغريب

وكلمة "قيار" "وهي اسم حصان الشاعر" مرفوعة: بعد العاطف وقبل خبر "إن" ومثل قول الشاعر:

وإلا فاعلموا أنا وأنتم ... بغاة ما بقينا في شقاق

فالضمير "أنتم" ضمير رفع. وغير هذا من الشواهد المتعددة. كيف يقبلون أن تؤول الآية - بغير داع لتطابق القاعدة ولا يتصرفون في القاعدة تصرفا صريحا يساير الآية، مع اعتقادهم أن القرآن أفصح كلام عربي وأعلاه؟ ولم التمحل في الأمثلة العربية الأخرى - وهي كثيرة - وترك القاعدة بغير إصلاح؟ وهل يصير الأسلوب الفاسد صالحا بمجرد التأويل والنية الخفية من غير تغيير يطرأ على ظاهره؟

ثم هم لا يبيحون التأويل إلا في الأمثلة المسموعة التي تخالف قاعدتهم، أما الأمثلة التي هي من كلام المحدثين ففاسدة - في رأيهم - فسادا ذاتيا، فلا يجوز قبولها، ولا التماس التأويل فيها. وهم يؤولون المرفوع في الأمثلة السالفة وأشباهها بما نعتبره حكما عاما صحيحا في ذاته، لا يحتاج لتأويل - وغير مقصور على الوارد المسموع، فيؤولون المرفوع في الآية الأولى وفي البيت بأنه مبتدأ - خبره محذوف، والجملة معترضة - بين اسم إن وخبرها، لتقدم المبتدأ وخبره عن مكانهما، وتوسطهما بين اسم "إن" وخبرها. فأصل الآية - عندهم {إن الذين آمنوا - والصابئون كذلك - من آمن منهم} - وأصل البيت. فإني - وقيار غريب - لغريب، ويفضلون أن تكون الجملة في المثالين اعتراضية لا معطوفة، فرارا من العطف قبل تمام الجملة المعطوف عليها، إن جعل من عطف الجمل، وفرارا من تقدم المعطوف على المعطوف عليه إن عطف المرفوع على الضمير المستتر في الخبر فهم يؤولون البيت بتأويل الآية الأولى وحدها فيجعلون كلمة: "غريب" المشتملة على لام الابتداء خبر "إن" ولا يجعلونها خبرا لكلمة "قيار" لأن دخوول لام الابتداء على خبر المبتدأ ضعيف. فخبره هنا محذوف، والتقدير "قيار غريب" أو "وقيار مثل" والجملة منهما اعتراضية. وكل هذا مقبول، ولكن على أساس أنه حكم عام غير مقصور على السماع - كما تقدم وأنه صحيح ذاتيا.

أما في الآية الثانية: "إن الله وملائكته..... فيلتمسون تأويلا آخر، فيجعلون خبر "إن" هو المحذوف، ويجعلون الاسم المرفوع مبتدأ خبره المذكور بعده، والتقدير عندهم: إن الله يصلي على النبي، وملائكته يصلون على النبي، إذ لا يصلح في هذه الآية التقدير الأول الذي صلح لسابقتها، لما يترتب =

<<  <  ج: ص:  >  >>