للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أجزع، يريد إنشاء هذا المعنى، وعند ظهور ما يعجب: "عجبًا" بمعنى أعجب، وعند الحث على أمر: "افعل وكرامة"، أي: وأكرمك, وعند إظهار الموافقة والامتثال: "سمعًا وطاعة"، بمعنى: أسمع وأطيع.

والمصادر في كل ما سبق – أو: المفعول المطلق – منصوب بالعامل المحذوف وجوبًا، وهو الذي ناب عنه المصدر في أداء المعنى، وفي تحمل الضمير الفاعل، وتقديره للمتكلم: أنا.

ونيابة هذا النوع من المصادر عن عامله تكاد تكون مقصورة على الألفاظ المحددة الواردة سماعًا عن العرب، ويرى بعض المحققين جواز القياس عليها في كل مصدر يشيع استعماله في معنى معين، ويشتهر تداوله فيه، وله فعل من لفظه، من غير اقتصار على ألفاظ المصادر المسموعة, وهذا رأي عملي مفيد١.

٣- ويراد بالأساليب الخبرية المحضة أنواع، كلها قياسي، بشرط أن يكون العامل المحذوف وجوبًا فعلًا من لفظ المصدر ومادته.

منها: الأسلوب المشتمل على مصدر يوضح أمرًا مبهمًا مجملًا، تتضمنه جملة قبل هذا المصدر، ويفصل عاقبتها؛ أي: يبين الغاية منها، "فالشروط ثلاثة في المصدر: تفصيله عاقبه، وأنها عاقبة أمر مبهم تتضمنه جملة، وهذه الجملة قبله" مثل: "إن أساء إليك الصديق فاسلك مسلك العقلاء؛ فإما عتابًا كريمًا، وإما صفحًا جميلًا٢"؛ فسلوك مسلك العقلاء أمر مبهم، مجمل، لا يعرف المقصود منه؛ فهو مضمون جملة محتاجة إلى إيضاح، وتفصيل، وإبانة عن المراد، فجاء بعدها الإيضاح والتفصيل البيان من المصدرين: "عتابًا" و"صفحًا" المسبوقين بالحرف الدال على التفصيل؛ وهو: "إما".

وهما منصوبان بالفعلين المحذوفين وجوبًا، وقد ناب كل مصدر عن فعله في بيان معناه، والتقدير: فإما أن تعتب عتابًا كريمًا، وإما أن تصفح صفحًا جميلًا.


١ لأنه يساير الأصول اللغوية العامة، ولا تضار اللغة باتباعه، وقد أشرنا لهذا في "ج" من ص ٢٣٢.
٢ وتغني "أو" عن "إما" الثانية؛ كقول الشاعر:
وقد شفني ألا يزال يروعني ... خيالك إما طارقًا أو معاديًا

<<  <  ج: ص:  >  >>