فصل « (٣٤) نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها»
(٣٥) ولو باع الثمرة بعد بدو صلاحها على الترك إلى الجذاذ جاز
(٣٦) فإن أصابتها جائحة رجع بها على البائع لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة ٣٤:«نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها» فلو باعها قبل بدو صلاحها لم يجز إلا بشرط القطع لما روى ابن عمر: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها» متفق عليه، وفي لفظ:«نهى عن بيع الثمار حتى تزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة» رواه مسلم، ولأن في بيعه غررًا من غير حاجة فلم يجز كما لو اشترط التبقية، وإن باعها بشرط القطع جاز بالإجماع.
مسألة ٣٥:(ولو باع الثمرة بعد بدو صلاحها على الترك إلى الجذاذ جاز) قال أبو حنيفة: لا يجوز بشرط التبقية لأنه شرط الانتفاع بملك البائع على وجه لا يقتضيه العقد فلم يجز كما لو شرط تبقية الطعام في بيته، ولنا أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها» فمفهومه أنه أجاز بيعها بعد بدو صلاحها، وثبت أنه إنما نهى عن بيع يتضمن التبقية لأنه يجوز بشرط القطع، وعنده مطلقًا ثبت أن الذي نهى عنه هو الذي أجازه، ولأن النقل والتحويل يجب في المبيع بحكم العرف فإذا اشترطه جاز كما لو اشترط نقل الطعام من ملك البائع حسب الإمكان وفي هذا انفصال عما قاله.
مسألة ٣٦:(فإن أصابتها جائحة رجع بها على البائع) لما روى جابر أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إن بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ من ثمنه شيئًا، لم تأخذ مال أخيك بغير حق» رواه مسلم والإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه، ولفظهما:«من باع ثمرًا فأصابته جائحة فلا يأخذ من مال أخيه شيئًا، علام يأخذ أحدكم مال أخيه المسلم؟» . وهذا صريح في الحكم فلا يعدل عنه، وروى مسلم عن جابر:«أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بوضع الجوائح» .