باب الخلع (٣٦) وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وخافت أن لا تقيم حدود الله في طاعته فلها أن تفتدي نفسها منه بما تراضيا عليه
(٣٧) ويستحب أن لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
فصل: واختلفت الرواية عن أحمد في الحكمين، فعنه أنهما وكيلان لا يملكان التفريق إلا بإذنهما لأن البضع حقه والمال حق المرأة، وهما رشيدان فلا يتصرف غيرهما لهما إلا بوكالة منهما أو ولاية عليهما فكانا وكيلين، وعنه هما حاكمان ولهما أن يفعلا ما يريان من جمع وتفريق بعوض وغيره لا يحتاجان إلى توكيل الزوجين ولا رضاهما، روى ذلك عن علي وابن عباس، لأن الله سبحانه سماهما حكمين ولا يعتبر رضا الزوجين، ثم قال:{إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء: ٣٥] فخاطب الحكمين بذلك، ولا يمنع أن تثبت الولاية على الرشيد عند امتناعه من أداء الحق كما يقضي الدين من ماله إذا امتنع، ويطلق الحاكم على المولى إذا امتنع.
[[باب الخلع]]
مسألة ٣٦:(وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وخافت أن لا تقيم حدود الله في طاعته فلها أن تفتدي نفسها منه بما تراضيا عليه) لقوله سبحانه: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة: ٢٢٩] وروى البخاري قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر في الإسلام، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فردت عليه، وأمره ففارقها»(رواه البخاري) .
مسألة ٣٧:(ويستحب أن لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها) فإن فعل كره وصح، روي ذلك عن عثمان وابن عمر وابن عباس لقوله سبحانه:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة: ٢٢٩] وقالت الربيع بنت معوذ: اختلعت من زوجي بما دون عفاص رأسي فأجاز ذلك عليَّ عثمان بن عفان، ومثل هذا يشتهر فيكون إجماعًا.