للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب جامع الأيمان

ويرجع فيها إلى النية فيما يحتمله اللفظ

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

ذكره، أو يقول جواري أحرار يعني سفنه، ونسائي طوالق يعني أقاربه دون زوجاته، فهذا وأشباهه إذا عناه بيمينه فهو تأويل؛ لأنه خلاف الظاهر، فلا يخلو الحالف من ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يكون مظلوما مثل أن يستحلفه سلطان على شيء لو صدق عنده لظلمه أو ضره، أو يخاف على مسلم من ظالم فيحلف عنه، فهذا له تأويله؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب» ، يعني سعة.

الثاني: أن يكون الحالف ظالما كالذي يستحلفه الحاكم، فهذا ينصرف يمينه إلى ظاهر اللفظ، ولا ينفعه تأويله، لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يمينك على ما يصدقك به صاحبك» رواه أبو داود، ولو ساغ ذلك للظالم لكان وسيلة إلى جحد الحقوق؛ لأن مقصود اليمين تخويف الحالف ليرتدع عن الجحود خوفا من عاقبة اليمين الكاذبة، فإذا ساغ له التأويل انتفى ذلك وصار وسيلة إلى إبطال الحقوق.

الثالث: لم يكن ظالما ولا مظلوما، فظاهر كلام الإمام أحمد له تأويله، لأنه عني بكلامه ما يحتمله على وجه لم يتضمن إبطال حق أحد، فجاز كما لو كان مظلوما، وقد «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمزح ولا يقول إلا حقا» .

[[باب جامع الأيمان]]

(ويرجع فيها إلى النية فيما يحتمله اللفظ) سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له، فالموافق للظاهر هو أن ينوي باللفظ موضوعه الأصلي، مثل أن ينوي باللفظ العام العموم، والمخالف يتنوع أنواعا:

أحدها أن ينوي بالعام الخاص مثل أن يحلف لا يأكل لحما ولا فاكهة، ويريد لحما بعينه أو فاكهة بعينها، ومثل أن يحلف لا كلمت رجلا ويريد رجلا بعينه، أو لا يتغدى يريد غداء بعينه اختصت يمينه به، ومنه أن يحلف على ترك شيء مطلقا ويريد وقتا بعينه.

<<  <   >  >>