كتاب الجنايات (١) القتل بغير حق ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أحدها: العمد، وهو أن يقتله بجرح أو فعل يغلب على الظن أنه يقتله كضربة بمثقل كبير أو تكريره بصغير أو إلقائه من شاهق أو خنقه
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[كتاب الجنايات]
مسألة ١:(القتل بغير حق ينقسم ثلاثة أقسام: أحدها العمد) المحض، وهو نوعان:
أحدهما: أن يضربه بمحدد، وهو ما يقطع به ويدخل في البدن كالسيف والسكين والنشاب وما يجرح بحده، وإن كان زجاجا أو خشبا أو قصبا فهذا كله إذا جرح به جرحا كبيرا فمات فهو قتل عمد لا خلاف فيه بين أهل العلم فيما علمناه، فأما الجرح الصغير كشرطة حجام أو غرزة بإبرة أو شوكة نظرت: فإن كان ذلك في مقتل كالعين والفؤاد والصدغ فمات فهو عمد؛ لأن الإصابة بذلك في المقتل كالإصابة بالسكين في غير مقتل، وإن كان في غير مقتل نظرت: فإن كان قد بالغ في إدخالها في البدن فهو كالجرح الكبير، وإن غرزه بها غرزا يسيرا أو جرحه بالكبير جرحا لطيفا كشرطة الحجام فما دونها في غير مقتل فقال أصحابنا: إن بقي فيها حتى مات ففيه القود؛ لأن الظاهر أنه مات منه، وإن مات في الحال ففيه وجهان: أحدهما: لا قصاص، قال ابن حامد: لأن الظاهر أنه لم يمت منه؛ والثاني: فيه القصاص؛ لأن المحدد لا يعتبر فيه غلبة ظن القتل به، بدليل ما لو قطع أنملته؛ ولأن في البدن مقاتل خفية وهذا له سراية ومور فأشبه الجرح الكبير.
الثاني: أن يقتله بما ليس بمحدد بما يغلب على الظن حصول الزهوق به عند استعماله، فهذا عمد موجب للقصاص أيضا، وقال أبو حنيفة: لا قود في هذا، إلا أن يكون قتله بالنار، وعنه في مثقل الحلائل روايتان، واحتجوا بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط والعصا والحجر مائة من الإبل» ، فسماه عمد الخطأ، وأوجب فيه الدية دون القصاص؛ ولأن العمد لا يمكن اعتباره بنفسه فيجب ضبطه بمظنته، ولا يمكن ضبطه بما يقتل غالبا؛ لأن ذلك يختلف، وهو مستقصى بما لو جرحه جرحا