أو تحريقه أو تغريقه أو سقيه سما أو الشهادة عليه زورا بما يوجب قتله أو الحكم عليه به، أو نحو هذا قاصدا عالما بكون المقتول آدميا معصوما، فهذا يخير الولي فيه بين القود والدية لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يفديه» .
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
صغيرا لا يقتل مثله غالبا؛ كقطع شحمة أذنه وأنملته وغرزة بإبرة فوجب ضبطه بالجارح، ولنا قوله سبحانه:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا}[الإسراء: ٣٣] ، وروى أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بحجر فقتله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين حجرين» متفق عليه، وروى أبو هريرة قال: قام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:«ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يودى وإما أن يقاد» متفق عليه؛ ولأنه يقتل غالبا فوجب به القصاص كالمحدد، وأما الحديث فمحمول على المثقل الصغير؛ لأنه ذكر العصا والسوط وقرن به الحجر فدل على أنه أراد الصغير، وقولهم لا يمكن ضبطه ممنوع، وصغير المحدد قد تقدم الكلام فيه.
إذا ثبت هذا فمن صور المسألة أن يضربه بمثقل كبير سواء كان من حديد كاللت والسندان والمطرقة، أو حجر ثقيل أو خشبة كبيرة، أو يلقي عليه حائطا أو صخرة عظيمة أو ما أشبهه فيموت بذلك ففيه القود؛ لأنه يقتل غالبا، ومنها أن يضربه بمثقل صغير، أو يلكزه بيده، فإن كان في مقتل، أو في حال ضعف من المضروب بحيث تقتله تلك الضربة غالبا، أو كرر الضرب حتى قتله، أو عصر خصيتيه عصرا شديدا فمات منه ففيه القود لذلك، ومنها: أن يلقيه من شاهق كرأس جبل أو حائط عال فهو عمد أيضا، ومنها: أن يمنع خروج نفسه إما أن يجعل في عنقه خراطة ثم يعلقه في خشبة، بحيث يرتفع عن الأرض فيختنق، أو يخنقه وهو على الأرض بيده أو بمنديل أو حبل، أو يغمه بوسادة أو شيء يضعه على فمه وأنفه مدة فيموت، فإن فعله مدة يموت فيها غالبا فمات فهو عمد وفيه القصاص، ومنها: أن يلقيه في نار أو ماء لا يمكنه التخلص من ذلك لكثرة الماء والنار، أو لمنعه إياه من الخروج، أو لضعفه عن الخروج، فهو عمد يقتل غالبا، ومنها: أن يسقيه سما أو يطعمه قاتلا فيموت به، فهو عمد إذا كان مثله يقتل غالبا، ومنها: أن يشهد رجلان على رجل بما يوجب قتله، فيقتل بشهادتهما ثم رجعا واعترفا بتعمد القتل، وجب عليهما القتل قصاصا؛ لأن رجلين شهدا عند علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على رجل أنه سرق فقطعه، ثم رجعا عن شهادتهما، فقال علي: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما، وغرمهما دية