قال:«أمرني النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أبتاع له البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى مجيء الصدقة»(رواه أبو داود) ، ولأنه ثبت في الذمة صداقًا فثبت في السلم كالثياب. وأما حديث ابن عمر فهو محمول على أنهم كانوا يشترطون من ضراب فحل بني فلان، كذلك قال الشعبي: إنما كره ابن مسعود السلم في الحيوان لأنهم اشترطوا لقاح فحل معلوم. رواه سعيد. ولو أضافه إلى لقاح بني فلان، لقبيلة كبيرة أو بلد كبير صح، كما إذا أضاف إلى غلة بلد كبير أو قرية كبيرة. وقد روي حديث علي أنه باع جملًا له يدعى عصيفير بعشرين بعيرًا إلى أجل، وهو قول ابن مسعود وابن عباس وابن عمر.
[فصل في حكم السلم في الفواكه والمعدودات] ١
فصل: وأما الفواكه والمعدودات كالجوز والبيض والبطيخ والرمان والبقول ونحوها ففيها روايتان: إحداهما: لا يصح لما ذكرناه في الحيوان وأنه لا يمكن ضبطه بالصفات المقصودة التي يختلف بها الثمن. والثانية يصح، لأن التفاوت يسير ويمكن ضبطه، بعضه بالصغر والكبر وبعضه بالوزن، فصح السلم فيه كالمزروع.
١ -
فصل: وفي الرءوس والأطراف والجلود مثل ذلك. أما الرءوس ففيها روايتان أيضًا: إحداهما: لا يجوز السلم فيها لأن أكثرها عظام واللحم فيها قليل، والثانية: يصح لأنه لحم فيه عظم يجوز شراؤه فجاز السلم فيه كبقية اللحم، وكثرة العظام لا تمنع بيعه فلا تمنع السلم فيه، والجلود تختلف أيضًا، فالورك ثخين قوي، والصدر ثخين رخو، والبطن رقيق ضعيف، والظهر قوي، فيحتاج إلى وصف كل موضع فيه، ولا يمكن ذرعه لاختلاف أطرافه فلا يجوز السلم فيه، ووجه الجواز أن التفاوت فيه معلوم فلم يمنع صحة السلم فيه [كالحيوان، فإنه يشتمل على الرءوس والأطراف والجلد ولم يمنع صحة السلم فيه] فكذلك هاهنا.
الشرط الثاني: أن يصفه بما يختلف به الثمن ظاهرًا فيذكر جنسه ونوعه وقدره وبلده وحداثته وقدمه وجودته ورداءته، لأن السلم عوض يثبت في الذمة فلا بد من كونه معلومًا بالوصف كالثمن، ولأن العلم شرط في البيع، وطريقه إما الرؤية أو الوصف، والرؤية