القاسم قاسم الحاكم أو عدلاً نصباه؛ لأن قرعة قاسم الحاكم كحكم الحاكم بدليل أنه يجتهد في تعديل السهام كاجتهاد الحاكم في طلب الحق فتنفذ قرعته، والذي رضوا به وحكموه فهو كرجل حكم بينهم في القضاء، ولو حكموا رجلاً بينهم لزم حكمه كذا هاهنا. فإما إن قسما بأنفسهما أو أقرعا أو نصبا قاسماً فاسقاً لم يلزم إلا بتراضيهما بعد القرعة، ولأنه لا حاكم بينهما ولا من يقوم مقامه. وأما قسمة التراضي فهي التي فيها رد ولا يمكن تعديل السهام فيها إلا أن يجعل مع بعضها عوض، فهل تلزم بالقرعة؟ فيه وجهان:
أحدهما يلزم كقسمة الأجبار؛ لأن القاسم كالحاكم وقرعته كحكمه.
والثاني: لا يلزم لأنها بيع والبيع لا يلزم إلا بالتراضي، وإنما القرعة هاهنا ليعرف البائع من المشتري، فأما إن تراضيا على أن يأخذ كل واحد منهما واحداً من السهمين بغير قرعة فإنه يجوز؛ لأن الحق لهما ولا يخرج عنهما، وكذلك لو خير أحدهما صاحبه فاختار، ويلزم هاهنا التراضي وتفرقهما كما يلزم البيع.
مسألة ٥٣:(ويجب أن يكون قاسم الحاكم بينهما عدلاً وكذلك كاتبه) ويكون عارفاً بالحساب أيضاً والقسمة ليوصل إلى كل ذي حق حقه، ولا يفتقر أن يكون من أهل الاجتهاد، ولا أن يكون حراً. واشترط الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن يكون حراً، وتلزم قسمته بالقرعة، وإن نصبا قاسماً بينهما على صفة قاسم الحاكم فهو كقاسم الحاكم في لزوم القسمة بالقرعة، وإن كان فاسقاً أو كافراً لم تلزم قسمته إلا بتراضيهما بها "بعد القرعة "، ويكون وجوده فيما يرجع إلى لزوم القسمة كعدمه.