{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}[النساء: ٢٥] ، ثم قال سبحانه:{فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥] ؛ ولأن عدتها على النصف من عدة الحرة فيكون جلدها على النصف، ولا فرق بين العبد والأمة بدليل سراية العتق، فالتنصيص على أحدهما تنصيص على الآخر.
مسألة ٨:(ومن أقر بحد ثم رجع عنه سقط) وذلك أن من شرط إقامة الحد بالإقرار: البقاء على الإقرار إلى تمام الحد، فإن رجع عن إقراره أو هرب كف عنه ولم يتبع، لما روي أن ماعزا هرب، فذكر ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:«هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه»(رواه أبو داود) ، قال ابن عبد البر: ثبت من حديث أبي هريرة وجابر ونعيم بن هزال ونصر بن دهر وغيرهم أن ماعزا لما هرب فقال لهم: ردوني إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«فهلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه» ، ففي هذا أوضح الدلائل على أنه يقبل رجوعه؛ ولأن رجوعه شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات.
[[فصل فيما يشترط في السوط يقام به الحد]]
(فصل: ويضرب في الجلد بسوط لا جديد ولا خلق) ؛ لما روي أن رجلا اعترف عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «فدعا له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسوط، فأتي بسوط مكسور، فقال:" فوق هذا "، فأتي بسوط جديد لم تكسر غرته، فقال:" بين هذين» رواه مالك عن زيد بن أسلم مرسلا، وروي عن أبي هريرة مسندا، وقد روى عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: " ضرب بين ضربين، وسوط بين سوطين " فيكون وسطا لا جديد فيجرح، ولا خلق فلا يؤلم، وهكذا العذاب يكون وسطا، لا شديد فيقتل ولا ضعيف فلا يردع، ولا يرفع باعه كل الرفع، ولا يحطه فلا يؤلم، قال أحمد: لا يبدي إبطه في شيء من الحدود، يعني لا يبالغ في رفع يده، فإن المقصود أدبه لا قتله.
مسألة ٩:(ولا يمد ولا يربط ولا يجرد) قال ابن مسعود: ليس في ديننا مد ولا قيد ولا تجريد، وجلد أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم ينقل عن أحد مد ولا قيد ولا تجريد، ولا تنزع ثيابه بل يكون عليه الثوب والثوبان، وإن كان عليه فرو أو جبة محشوة نزعت؛ لأنه لو ترك عليه ذلك لم يبال بالضرب.