للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(٢) وإن صالح القاتل عن القود بأكثر من دية جاز)

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

يده؛ ولأنهما توصلا إلى قتله بسبب يقتل غالبا فأشبه المكره، ومنها: إذا حكم الحاكم على رجل بالقتل ظلما عالما بذلك متعمدا قتله، فقتل واعترف بذلك وجب القصاص عليه والخلاف فيه كالشاهدين. وفي هذه الصور جميعها يتخير الولي بين القود والدية؛ لما روى أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يودى وإما يقاد» متفق عليه، وروى أبو شريح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل، وأنا والله عاقله، فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرين: إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية» رواه أبو داود، وغيره. وروي عن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن موجب العمد القصاص عينا؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قتل عمدا فهو قود» (رواه أبو داود) ؛ ولأنه بدل متلف فكان معينا كسائر المتلفات، والأول أولى لما سبق من الأحاديث؛ لقوله سبحانه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ١٧٨] ، أوجب الاتباع بمجرد العفو عن القصاص، وأما الخبر فالمراد به وجوب القصاص، ونحن نقول به، ويخالف القتل سائر المتلفات؛ لأن بدلها لا يختلف بالقصد وعدمه، والقتل بخلافه، وللشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كهاتين الروايتين، فإن قلنا موجبة للقصاص عنها فله العفو مطلقا، وله العفو على مال، فإن عفا بشرط المال وجبت الدية، وإن عفا مطلقا لم يجب شيء، وإن قلنا الواجب أحد الأمرين لا بعينه فعفا عن القصاص مطلقا أو إلى الدية وجبت الدية؛ لأن الواجب غير متعين، فإذا ترك أحدهما تعين الآخر، وإن اختار الدية سقط القصاص، وإن اختار القصاص تعين، وهل له بعد ذلك العفو على الدية؟ قال القاضي: له ذلك؛ لأن القصاص أعلى فكان له الانتقال إلى الأدنى ويكون بدلا عن القصاص وليس الذي وجب بالقتل، ويحتمل أنه ليس ذلك؛ لأنه أسقطها باختياره فلم يعد إليها.

مسألة ٢: (وإن صالح القاتل عن القود بأكثر من الدية جاز) قال شيخنا: لا أعلم

<<  <   >  >>