للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٨١) وينفق على المفلس وعلى من تلزمه مؤنته من ماله إلى أن يفرغ من القسمة

(٨٢) فإن وجب له حق بشاهد فأبى أن يحلف لم يكن لغرمائه أن يحلفوا

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

مسألة ٨١: (وينفق على المفلس وعلى من تلزمه مؤنته من ماله إلى أن يفرغ من القسمة) وذلك أنه إذا حجر عليه فإن كان ذا كسب يفي بنفقته ومن تلزمه نفقته فنفقته في كسبه، لأنه لا حاجة إلى إخراج ماله وهو يكسب ما ينفقه، ولأنه مستغن بكسبه عن ماله فلم يجز أخذ ماله كما لم يجز أخذ زيادة عن النفقة، وإن كان كسبه دون نفقته كملناها من ماله، وإن لم يكن ذا كسب أنفق عليه من ماله في مدة الحجر، وإن طالت؛ لأن ملكه قبل القسمة باق، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» .

ومعلوم أن فيمن يعوله من تجب عليه نفقته وتكون دينًا عليه وهي الزوجة، فإذا قدم نفقة نفسه على نفقة الزوجة فكذلك على حق الغرماء.

ولأن الحي آكد حرمة من الميت لأنه مضمون بالإتلاف، وتقديم تجهيز الميت ومؤنته على دينه، متفق عليه، فنفقته أولى.

وتقدم أيضًا نفقة من تلزمه نفقته من أقاربه مثل الوالدين والمولودين وغيرهم ممن تجب نفقتهم لأنهم يجرون مجرى نفسه؛ لأنهم يعتقون عليه إذا ملكهم كما يعتقون إذا ملك نفسه فيما إذا كان مكاتبًا فعتق وهم في ملكه، وكانت نفقتهم كنفقته.

وتقدم نفقة زوجته لأن نفقتها آكد من نفقة الأقارب لأنها تجب على طريق المعاوضة وفيها معنى الإحياء كما في الأقارب.

مسألة ٨٢: (وإن وجب له حق بشاهد فأبى أن يحلف لم يكن لغرمائه أن يحلفوا) وذلك أن المفلس في الدعوى كغيره، فإذا ادعى حقًا له به شاهد عدل وحلف مع شاهده ثبت المال وتعلقت به حقوق الغرماء، وإن امتنع لم يجبر لأنه قد لا يعلم صدق الشاهد، وقد يعلم كذبه.

ولا يملك الغرماء أن يحلفوا مع الشاهد لأنهم يثبتون ملكًا لغيرهم لتتعلق حقوقهم به بعد ثبوته فلم يجز، كما لم يجز لزوجته أن تحلف لإثبات ملك لزوجها لتتعلق نفقتها به، وفارق الورثة لأنهم يثبتون ملكًا لأنفسهم إذا حلفوا بعد موت مورثهم.

<<  <   >  >>