أحدهما إلى الآخر مالا يتجر فيه ويشتركان في ربحه، وشركة الأبدان، وهي أن يشتركا فيما يكسبان بأبدانهما من المباح، إما بصناعة أو احتشاش أو اصطياد ونحوه، لما روي «عن عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: اشتركت أنا وسعد وعمار يوم بدر، فجاء سعد بأسيرين ولم آت أنا وعمار بشيء»
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ذلك في المضاربة المحضة، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه أو ما يجمعان عليه بعد أن يكون ذلك "معلومًا" جزءًا من أجزاء، ولأن استحقاق المضارب للربح بعمله فجاز ما يتفقان عليه من قليل وكثير كالأجرة في الإجارة وكالجزء من الثمرة في المساقاة والمزارعة.
الضرب الثاني:(شركة الوجوه، وهو أن يشتركا فيما يشتريان بجاههما) وثقة التجار بهما، فما ربحا فهو بينهما لأن مبناها على الوكالة والكفالة؛ لأن كل واحد منهما وكيل صاحبه فيما يشتريه ويبيعه كفيل عنه بذلك، والملك بينهما على ما شرطاه نصفين أو أثلاثًا أو أرباعًا، والوضيعة على قدر ملكيهما فيه ويبيعان فما رزق الله تعالى فهو بينهما على ما شرطاه فهو جائز، ويحتمل [أن يكون] على قدر ملكيهما وهما في جميع تصرفاتهما وما يجب لهما وعليهما في إقرارهما وخصومتهما بمنزلة شريكي العنان على ما سبق.
الضرب الثالث:(المضاربة، وهو أن يدفع أحدهما ماله إلى آخر يتجر فيه والربح بينهما) ويسمى مضاربة وقراضًا، وينعقد بلفظهما وكل ما يؤدي معناهما لأن القصد المعنى فجاز بما دل عليه كالوكالة، وأجمع أهل العلم على جواز المضاربة في الجملة، ذكره ابن المنذر، ويروى ذلك عن جماعة من الصحابة ولا مخالف لهم في عصرهم فيكون إجماعًا، ولأن بالناس حاجة إليها فإن الدراهم والدنانير لا تنمو إلا بالتقليب والتجارة، وليس كل من يملكها يحسن التجارة، ولا كل من يحسن له رأس مال، فاحتيج إليها من الجانبين، فشرعها الله سبحانه لدفع الحاجتين.
الضرب الرابع:(شركة الأبدان، وهي أن يشتركا فيما يكسبان بابدانهما من المباح: إما بصناعة أو احتشاش أو اصطياد ونحوه) كالاحتطاب والتلصص على دار الحرب، وفي المعادن وسائر المباحات، فهي صحيحة (لما روي «عن عبد الله بن مسعود أنه قال: