للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمائع غيره

(٣) فإذا بلغ الماء قلتين أو كان جارياً لم ينجسه شيء

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

مسألة ٣: (فإذا بلغ الماء قلتين أو كان جارياً لم ينجسه شيء) . أما إذا بلغ قلتين لم ينجسه شيء فلقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء» أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، ولفظه: «لم يحمل الخبث» ، وأخرجه الإمام أحمد في المسند، وأما إذا كان جارياً فلا ينجسه شيء وإن قل، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سئل عن بئر بضاعة وما يلقى فيها من الحيض ولحوم الكلاب والنتن: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» رواه الترمذي قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: حديث بئر بضاعة صحيح، وهو عام في القليل والكثير.

فإن قيل: يعارضه حديث القلتين، قلنا: عنه ثلاثة أجوبة:

أحدها: أن حديث بئر بضاعة أصح فلا يعارضه، ولأن حديث القلتين ضعيف من حيث الاستدلال به فإن القلال تختلف، وتقديرهما بخمس قرب من أين ذلك؟ وتقدير القربة بمائة رطل يحتاج إلى دليل، فإن التقدير إنما يصار إليه بالنص ولا نص، وحديث ابن جريج «رأيت قلال هجر تسع القلة قربتين أو قربتين وشيئا» غير مقبول.

الثاني: أن دلالته على تنجيس اليسير إنما هو بالمفهوم، وحديث بئر بضاعة يدل على طهارته بالمنطوق فكان مقدماً.

الثالث: أن حديث القلتين محمول على الماء الواقف، فإنا قد أجمعنا على أن ما قبل النجاسة في الماء الجاري لا يتنجس، لأنه لم يصل إليها وما بعدها كذلك لأنها لن تصل إليه بخلاف الواقف.

فإن قيل: حديث بئر بضاعة دخله التخصيص بالقليل الواقف فإنا قد أجمعنا على أنه ينجس بوقوع النجاسة فيه وإن لم يتغير فنقيس عليه القليل الجاري.

قلنا: لا يصح ذلك، وبيانه من وجهين:

أحدهما: أن الجاري له قوة ليست للواقف، فإنه يدفع التغير عن نفسه، لأنه يدفع بعضه بعضاً وليس كذلك الواقف.

<<  <   >  >>