للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١٧) إلا أن يجعله لها فيما بعده

(١٨) وإن قال: أمرك بيدك أو طلقي نفسك فهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

التخيير على الفور، روي ذلك عن عمر وعثمان وابن مسعود وجابر ولم يعرف لهم مخالف فكان إجماعًا.

مسألة ١٧: (إلا أن يجعله لها فيما بعد المجلس) فيجوز لأن الحق له ولأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعائشة لما خيرها: " إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك» (رواه مسلم) فجعل لها الخيار على التراخي.

فأما من أطلق الخيار فهو مقصور على المجلس، قال الإمام أحمد، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الخيار على مخاطبة الكلام أن تجاوبه ويجاوبها، إنما هو جواب كلام، إن أجابته من ساعته وإلا فلا شيء.

مسألة ١٨: (وإن قال لها: أمرك بيدك أو طلقي نفسك فهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ) متى قال لزوجته أمرك في يدك فلها أن تطلق نفسها ثلاثًا، وإن نوى واحدة، قاله عثمان وابن عمر وابن عباس وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

قال القاضي: وقد نقل عن الإمام أحمد ما يدل على أنه إذا نوى واحدة فهي واحدة لأنه نوع تخيير فرجع إلى نيته فيه كقوله اختاري.

ودليل الأولى أنه لفظ يقتضي العموم في جميع أمرها لأنه اسم جنس مضاف فيتناول الثلاث كما لو قال: طلقي نفسك ما شئت، ويقبل قوله أردت واحدة لأنه خلاف ما يقتضيه اللفظ، وهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ لما روي عن علي في رجل جعل أمر امرأته بيدها قال: هو لها حتى ينكل، ولأنه توكيل في الطلاق فكان على التراخي كما لو قال لأجنبي: أمر امرأتي بيدك، وفارق قوله اختاري فإنه تخيير.

فإن رجع الزوج فيما جعل إليها أو قال: فسخت ما جعلت إليك بطل؛ لأنه توكيل فأشبه التوكيل في البيع.

وإن وطئها قبل اختيارها نفسها كان رجوعًا لأنه نوع توكيل، والتصرف فيما وكل فيه يبطل الوكالة، كذا هاهنا تصرفه بالوطء يبطل وكالته.

<<  <   >  >>