(٤١) وإذا اختلفا في انقضاء عدتها فالقول قولها مع يمينها إذا دعت من ذلك ممكنا
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الثالث: طلقها دون الثلاث فقضت عدتها ثم نكحت غيره ثم تزوجها الأول، فإنها تعود إليه على ما بقي من الثلاث، وهو قول الأكابر من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عمر وعلي وأبيّ ومعاذ وعمران بن حصين وأبي هريرة وزيد وعبد الله بن عمر. وعنه تعود إليه على طلقات ثلاث، وهو قول ابن عمر وابن عباس لأن وطء الزوج الثاني مثبت للحل فيثبت حلًا يتسع لثلاث طلقات كما بعد الثلاث، ولأن وطء الثاني يهدم الطلقات الثلاث فأولى أن يهدم ما دونها.
ودليل الأولى أن وطء الثاني لا يحتاج إليه لإحلال الزوج الأول فلا يعتبر حكم الطلاق كوطء السيد ولأنه تزويج قبل استيفاء الثلاث فأشبه ما لو رجعت إليه قبل وطء الثاني. وقولهم: إن وطء الثاني يثبت الحل فلا يصح لوجهين: أحدهما: منع كونه مثبتًا للحل أصلًا، وإنما هو في الطلاق الثلاث غاية للتحريم بدليل قوله:{فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠] وحتى للغاية، وإنما سمى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزوج الذي قصد الحلية محللًا تجوزًا بدليل أنه لعنه، ومن أثبت حلًا لا يستحق لعنًا. الثاني: أن الحل إنما يثبت في محل فيه تحريم وهي المطلقة ثلاثًا، وهاهنا هي حلال له فلا يثبت فيها حل آخر، وقولهم: إنه يهدم الطلاق، قلنا: بل هو غاية لتحريمه، وما دون الثلاث لا تحريم فيه فلا يكون غاية له.
مسألة ٤١:(وإذا اختلفا في انقضاء عدتها فالقول قولها مع يمينها إذا ادعت من ذلك ممكنًا) لقول الله سبحانه: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}[البقرة: ٢٢٨] فلولا أن قولهن مقبول ما حرم عليهن كتمانه كالشهود لما حرم عليهم كتمان الشهادة دل على قبولها منهم.
وقوله:" إذا ادعت من ذلك ممكنًا " يعني أنها تدعي انقضاء عدتها بالقروء في زمان يمكن انقضاؤها فيه كالشهرين ونحوهما، وإن ادعت انقضاءها في مدة لا يمكن انقضاؤها فيها لم تسمع دعواها، مثل أن تدعي انقضاءها بالقروء في أقل من ثمانية وعشرين يومًا إذا قلنا الأقراء الأطهار، أو في أقل من تسعة وعشرين يومًا إذا قلنا: هي الحيض، لأننا نعلم كذبها، وإن ادعت انقضاءها بالقروء في شهر لم تقبل دعواها إلا ببينة لأنه يروى عن علي