الدخول بنت على عدة الأول وتستأنف العدة للثاني) وتقدم عدة الأول لأن حقه أسبق ولأن عدته وجبت عن وطء صحيح ولا تتداخل العدتان لأنهما من رجلين، قال أبو حنيفة: تتداخل لأن القصد معرفة براءة الرحم وهذا يحصل به براءة الرحم منهما جميعًا. ولنا ما روى الشافعي في مسنده: حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن طلحة كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها ونكحت في عدتها، فضربها عمر وضرب زوجها وفرق بينهما، ثم قال: أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول وكان خاطبًا من الخطاب، وإن كان قد دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم اعتدت من الآخر ولا ينكحها أبدًا. وروى بإسناده عن علي أنه قضى في التي تزوج في عدتها أنه يفرق بينهما ولها الصداق بما استحل من فرجها وتكمل ما أفسدت من عدة الأول وتعتد من الآخر، وهذان قولان سديدان من الخلفاء ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة، ولأنهما حقان مقصودان لآدميين فلم يتداخلا كالدينين.
مسألة ٥٣:(وله نكاحها) يعني الثاني (بعد قضاء العدتين) ، وعنه أنها تحرم عليه على التأبيد لقول عمر: لا ينكحها أبدًا، ولأنه استعجل الحق قبل وقته فحرمه في وقته كالوارث إذا قتل موروثه، ولأنه يفسد النسب فوقع التحريم المؤبد كاللعان. ولنا على إباحتها له أنه لا يخلو إما أن يكون تحريمها بالعقد أو بالوطء في النكاح الفاسد أو بهما، وجميع ذلك لا يقتضي التحريم، بدليل ما لو زنى بها، وما روي عن عمر في تحريمها فقد خالفه علي، وروي عن عمر أنه رجع عن قوله في التحريم إلى قول علي، فإن عليًا قال: فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب، فقال عمر: ردوا الجهالات إلى السنة ورجع إلى قول علي، وقياسه يبطل بما لو زنى بها فإنه استحل وطئها ولا تحرم عليه على التأبيد.
مسألة ٥٤:(وإن أتت بولد من أحدهما انقضت عدتها به منه واعتدت للآخر) فإن كان يمكن أن يكون من الأول دون الثاني - وهو أن تأتي به لدون ستة أشهر من وطء الثاني وأربع سنين فما دونها من فراق الأول - فإنه يلحق الأول وتنقضي به عدتها منه ثم تعتد بثلاثة أقراء عن الثاني، وإن أتت به لستة أشهر فما زاد إلى أربع سنين من وطء الثاني