للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٦) وإن وجد متفقًا على تحريمه ومختلفا فيه أكل من المختلف فيه

(٧) فإن لم يجد إلا طعامًا لغيره به مثل ضرورته لم يبح له أخذه

(٨) وإن كان مستغنيًا عنه أخذه منه بثمنه

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

الموت بالإجماع، ويحرم عليه ما زاد على الشبع بالإجماع، وفي الشبع روايتان: أحدهما: لا يباح، والثانية: يحل له الشبع، اختارها أبو بكر لما روى جابر بن سمرة «أن رجلًا نزل الحرة فنفقت عنده ناقة فقال: اسلخها حتى نقدد لحمها وشحمها ونأكله، فقال: حتى أسأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: هل عندك غنى يغنيك؟ قال: لا. قال: فكلوها» ولم يفرق، رواه أبو داود. ولأن ما جاز سد الرمق منه جاز الشبع منه كالمباح، ودليل الأولى أن الآية الكريمة دلت على تحريم الميتة ثم استثنى منها ما اضطر إليه، فإذا اندفعت الضرورة لم يحل له الأكل كحالة الابتداء، ولأنه بعد سد الرمق غير خائف للتلف فلم يجز له الأكل كغير المضطر، يحققه أنه بعد سد الرمق كهو قبل أن يضطر وثَمّ لم يبح له الأكل، هكذا هنا.

إذا ثبت هذا فإن الضرورة المبيحة هي التي يخاف منها التلف إن ترك الأكل، قال الإمام أحمد: إذا كان يخشى على نفسه أن يتلف، سواء كان من جوع أو يخاف إن ترك الأكل عجز عن المشي وانقطع عن الرفقة أو يعجز عن الركوب فيهلك.

مسألة ٦: (وإن وجد متفقًا على تحريمه ومختلفًا فيه أكل من المختلف فيه) لأنه أخف تحريمًا، كالخنزير متفق على تحريمه والثعلب مختلف فيه والقنفذ وما شاكل ذلك.

مسألة ٧: (فإن لم يجد إلا طعامًا لغيره به مثل ضرورته لم يبح له أخذه) لأن صاحب الطعام ساواه في الضرورة وانفرد بالملك فأشبه غير حال الضرورة.

مسألة ٨: (وإن كان مستغنيًا عنه أخذه منه بثمنه) لأنه أمكن الوصول إليه برضا صاحبه، قال القاضي: فإن لم يبعه إلا بأكثر من ثمن مثله فاشتراه بذلك لم يلزمه إلا بثمن مثله لأنه صار مستحقًا له بقيمته، فإن كان العوض معه دفعه إليه وإلا بقي في ذمته، ولا يباح للمضطر من مال غيره إلا ما يباح له من الميتة، «قال أبو هريرة: " قلنا: يا رسول الله ما يحل لأحدنا من مال أخيه إذا اضطر إليه؟ قال: يأكل ولا يحمل، ويشرب ولا يحمل» .

<<  <   >  >>