للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(٢) أو يفعله مكرهاً أو ناسياً فلا كفارة عليه

(٣) ولا كفارة في الحلف على ماض سواء تعمد الكذب أو ظنه كما حلف فلم يكن ولا في اليمين الجارية على لسانه من غير قصد إليها كقوله في عرض حديثه: لا والله، وبلى والله، لقول الله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥]

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

مسألة ٢: (وإن حلف أن لا يفعل شيئًا ففعله مكرهًا أو ناسيًا لم يحنث) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (رواه ابن ماجه) ولأن فعل المكره لا ينسب إليه فلم تجب عليه كفارة كما لو لم يفعله.

مسألة ٣: (ولا كفارة في الحلف على ماض سواء تعمد الكذب أو ظنه كما حلف فلم يكن) وذلك أن اليمين على الماضي ينقسم ثلاثة أقسام: ما هو فيه صادق فلا كفارة فيه إجماعًا، وما هو متعمد الكذب فيه فهي تسمى يمين الغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم ولا كفارة فيها في ظاهر المذهب، وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فيها الكفارة، وعن الإمام أحمد مثله لأنه وجدت منه اليمين والمخالفة مع القصد فلزمته الكفارة كالمستقبلة، ولنا أنها يمين غير منعقدة فلا توجب كفارة كاللغو أو يمين على ماض فأشبه اللغو. وبيان أنها غير منعقدة أنها لا توجب برًا ولا يمكن فيها، ولأنها قارنها ما ينافيها وهو الحنث فلم تنعقد كالنكاح إذا قارنه الرضاع، ولأن الكفارة لا ترفع إثمها فلا تشرع فيها بدليل أنها كبيرة فإنه يروى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " «الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس» رواه البخاري. وروي فيه: «خمس من الكبائر لا كفارة لهن: الإشراك بالله، والفرار من الزحف، وبهت المؤمن، وقتل المسلم بغير حق، والحلف على يمين فاجرة يقتطع فيها مال امرئ مسلم» ولا يصح القياس على المستقبلة لأنها يمين معقودة فتجب الكفارة في حلها، وهذه لا عقد لها فلا حل لها. قال ابن المنذر: قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير» يدل على أن الكفارة إنما تجب بالحلف

<<  <   >  >>