درء ما يدرأ بالشبهات. الرابع: أن يكونوا عدولا، ولا خلاف في اشتراطها، فإن العدالة مشترطة في سائر الشهادات وهاهنا مع مزيد الاحتياط أولى، ويكونوا مسلمين ولا نعلم في هذا خلافا، فلو شهد أربعة من أهل الذمة على ذمي أنه زنى بمسلمة فعليهم الحد، ولا حد على المشهود عليه. الخامس: أن يصفوا الزنا فيقولوا: رأينا ذكره في فرجها كالمرود في المكحلة والرشأ في البئر، لما روي في قصة ماعز لما أقر عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالزنا قال:«حتى غاب ذلك منك في ذلك منها كما يغيب المرود في المكحلة والرشأ في البئر؟ قال: نعم» وإذا اعتبر التصريح في الإقرار كان اعتباره في الشهادة أولى، ولأنهم إذا لم يصفوا الزنا احتمل أن يكون المشهود به لا يوجب الحد فاعتبر كشفه.
مسألة ٣١:(ويجيئون في مجلس واحد) ، وهو شرط سادس في الشهود أن يأتوا الحاكم في مجلس واحد، وإن جاء بعضهم بعد أن قام الحاكم فعليهم الحد، وقيل: لا يشترط؛ لقوله سبحانه:{لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}[النور: ١٣] ولم يذكر المجلس، لأن كل شهادة مقبولة إذا اتفقت تقبل وإن افترقت في مجالس كسائر الشهادات، ولنا أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شهد عنده أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد على المغيرة بالزنا ولم يشهد زياد فحد الثلاثة، ولو كان المجلس غير مشترط لم يجز أن يحدهم لجواز أن يكملوا برابع في مجلس آخر، ولأنه لو شهد الثلاثة فحدهم ثم جاء الرابع فشهد لم تقبل شهادته، ولولا اشتراط المجلس لكملت شهادتهم به، ويفارق هذا سائر الشهادات، وأما الآية فإنها لم تتعرض للشروط، ولهذا لم تذكر العدالة وصفة الزنا.
مسألة ٣٢:(ويشترط أن يتفقوا على الشهادة بزنا واحد) ، فلو شهد اثنان أنه زنى بها في هذا البيت واثنان أنه زنى بها في بيت آخر، أو شهد كل اثنين عليه بالزنا في بلد غير البلد الذي شهد به صاحباهما واختلفوا في اليوم، فالجميع قذفة وعليهم الحد؛ لأنهم لم تكمل شهادة أربعة على فعل واحد فوجب عليهم الحد كما لو انفرد بالشهادة اثنان وحدهما، وحكي عن الإمام أحمد رواية ثانية أنه يجب الحد على المشهود عليه؛ لأن الشهادة قد كملت عليه وهو اختيار أبي بكر، قال أبو الخطاب: ظاهر هذه الرواية أنه لا يعتبر كمال الشهادة على فعل واحد، قال القاضي: قال أبو بكر: لو شهد اثنان أنه زنى بها